بقلم أ/ خالد مطهر العدواني
تولي الأنظمة التربوية في شتى البلدان اهتماماً خاصاً بمهنة التعليم وعمليات إعداد المعلمين وتدريبهم ورعايتهم مع اختلاف المستوى والفاعلية لرفع مستوى أداء العاملين بالقطاع التربوي، وزيادة فاعليتهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وذلك كاستراتيجية لإصلاح الأنظمة التعليمية(عيسى شويطر، 2009: 39).
فأصبح دور المعلم اليوم ليس فقط نقل المعرفة من الكتب الدراسية المقررة إلى أذهان المتعلمين، وإنما أصبح المعلم مسئولاً عن العديد من الأدوار التي يجب أن يقوم بها في سبيل إتاحة خدمات تعليمية ثرية لهؤلاء المتعلمين في أي مستوى دراسي .
ومن أكثر هذه الأدوار وضوحاً وتميزاً دوره كمصدر رئيسي للثقافة العامة والعملية وبناء على ذلك يجب على المعلم أن يمتلك حداً مناسباً من المعرفة والوعي بأمور علية عامة تتعلق بشتى مجالات الحياة وجوانبها، والتي كثيراً ما تشغل فكر أي إنسان يمتلك قدرا من التفتح والتنوير العقلي، بل والتي كثيراً ما تفرض نفسها على عقول الأبناء، ويستشعرون حاجاتهم إلى إجابات وافية شافية ومقنعة سواء من خلال معلم قادر على إشباع حاجاتهم إلى هذه الإجابات، أو قادر على توجيههم إلى مصادر المعرفة اللازمة، على الأقل إعطاء بدايات للتفكير تعمل للوصول إلى الإجابات المطلوبة، لذا فإن على كليات التربية وإعداد المعلمين الاهتمام بالإعداد الثقافي للطالب المعلم سواء عن طريق وجود بعض المقررات الدراسية الثقافية، أو عن طريق الأنشطة الطلابية المختلفة(علي راشد، 2001: 8).
وتتمثل عملية إعداد وتأهيل المعلمين في جانبين هما: إعداد وتأهيل المعلم قبل الخدمة، وإعداده وتأهيله أثناء الخدمة، وذلك على النحو الآتي:
مفهوم إعداد المعلمين قبل الخدمة:
أوردت (الشميري) عددا من التعريفات لمفهوم إعداد المعلمين قبل الخدمة منها(إصباح الشميري، 2009: 61):
يعرف بأنه مجموعة المعارف والمفهومات والخبرات المتنوعة التي تقدمها مؤسسة ما لمجموعة من المعلمين بقصد احتكاكهم بها وتفاعلهم معها بشكل يؤدي تعلمهم، أي تعديل سلوكهم، وتحقيق الأهداف التربوية التي ينشدونها من وراء ذلك بطريقة شاملة متكاملة.
أنها ذلك النسق النظم من الخبرات الثقافية والأكاديمية والمهنية التي تقدمها الكليات إلى طلابهم بقصد إعدادهم لمهنة التعليم.
كما عرف بأنها مجموع الخبرات المعرفية والمهارية والوجدانية المتنوعة التي توفرها الكليات لطلبتها خلال المقررات المتخصصة والتربوية ومقررات الثقافة العامة، وفعاليات الجانب التطبيقي، بما يمكنهم من القيام بتدريس في مراحل التعليم العام.
أهمية إعداد المعلمين قبل الخدمة:
تعد عملية إعداد المعلمين إحدى الموضوعات التي تشغل المتخصصين المهتمين بشؤون التربية والتعليم، حيث يعتبر المعلم من أهم العوامل المساهمة في تحقيق أهداف التعليم، وقد استثمرت أموال كثيرة في العديد من البلدان في محاولة للكشف عن خصائص وأنشطة المعلم الفعال، وأصبح المربون أكثر اقتناعاً أن التحسين الجذري لنوعية تربوية يتوقف إلى حد كبير على نوعية التعليم الذي يوفره المعلمون وعلى فاعليتهم، ومهاراتهم في خلق المناخ المناسب لنجاح عمليتي التعلم والتعليم الفعالتين(عبد السلام، 2006: 417).
ويحتل المعلم مكانه في النظام التعليمي، ويعد عنصراً فاعلاً في تحقيق أهداف التربية، وحجر الزاوية في إصلاح أو تطوير تربوي، ولهذا فقد أصبح من الضروري إعادة النظر في أعمال المعلمين ووظائفهم باستمرار، والعمل على جعلهم واعين لتطور أدوارهم، ومستعدين للقيام بأدوارهم ووظائفهم باستمرار، وتتضح أهمية إعداد المعلم من خلال الجهود التي بذلت في الماضي ولا زالت تلقي الاهتمام حتى هذه الأيام، فعقدت العديد من المؤتمرات الدولية والمحلية بخصوص إعداد المعلمين، ويمكن إيجاز أهم ما توصلت إليه نتائج هذه المؤتمرات وتوصياتها فيما يلي(عيسى شويطر، 2009: 59):
- ضرورة إعداد النظر في برامج إعداد المعلم بوجه عام.
- ضرورة تخطيط وبناء برامج إعداد المعلمين على أساس الكفايات، أو الأدوار.
- التركيز على جوانب التعلم الثلاثة المعرفية، و المهارية، والوجدانية.
- اتخاذ التعليم الذاتي أسلوباً رئيسياً للتعلم.
- تدريب معلمي المستقبل والمعلمين في الثناء الخدمة على أساليب ومداخل التعليم والتعلم الحديثة.
- التأكيد على التعلم المستمر وتدريب المعلمين في أثناء الخدمة.
- ضرورة وأهمية البدء في تعديل نظم إعداد المعلمين، وإعداد معلم متخصص وذات نوعية خاصة.
مفهوم التأهيل أثناء الخدمة في ضوء الكفاية:
يشير مصطلح "أثناء الخدمة" إلى وجود شبكة شاملة تكمل العنصر التربوي المهني وذلك بتقديم البدائل لتحقيق النمو والتطوير في الجوانب المهنية والمعرفية والشخصية، وتمثل هذه البدائل الطرق والأساليب المتوفرة أمام الأطر المهنية المدرسية لتوسيع وتنمية المهارات الفردية المتعلقة بالمهنة ولإعدادهم لأدوارهم ومهماتهم المهنية الجديدة بعد فترة الإعداد الأولية، فالنشاطات المهنية أثناء الخدمة تعتبر ضرورية لبقاء المهنة والاستمرار فيها.
ويعرف الـتأهيل أثناء الخدمة عموماً بأنه أي نوع من النشاط الذي يقدم للمشترك فيه أفكاراً جديدة ونمواً وفهماً وتأهيلاً وتحسناً أثناء العمل.
وتعرف عملية التأهيل التربوي أثناء الخدمة بأنها: ذلك النمو الذي يحدث أثناء العمل، فهو استمرار للتطور المهني الذي ابتدأ قبل الخدمة خلال فترة الإعداد، فالتأهيل التربوي أثناء الخدمة عملية موجودة في داخل أي برنامج مخطط ومصمم لجعل المعلم أكثر فعالية.
وهذا النوع من التعليم يجب أن يكون جزءاً أساسياً من أي برنامج دراسي(محمد فالوقي، 2001: 180-181).
وظائف التأهيل التربوي أثناء الخدمة:
للتأهيل التربوي أثناء الخدمة وظائف وأنواع عديدة، فبرامجه وأنشطته تساعد المعلم والمهتم بالعملية التعليمية على التنمية الشاملة في جميع الجوانب الشخصية والمهنية والمعرفية.
ولقد تحددت هذه الوظيفة وهذا التعدد والتنوع في العناصر التالية(محمد المقرحي، 1983):
- الانتقال من الأعداد قبل الخدمة إلى مرحلة الخدمة.
- تطوير المحتوى والمهارات الخاصة.
- النمو الشخصي.
- استمرارية التربية على المستوى العالي.
- التنمية المهنية العامة.
- التقدم في الوظيفة.
أهمية التأهيل في أثناء الخدمة:
تهتم مختلف الدول في الوقت الحاضر بتربية المعلمين أثناء الخدمة من الناحيتين: الأكاديمية، والتخصصية.
فقد لوحظ أن المعلمين الذين ينتهي إعدادهم بالتخرج من كليات ومعاهد المعلمين مهما ارتفع مستوى هذا الإعداد ولا يزودون بدراسات جديدة تتفق والتغيير المستمر الذي يطرأ على العلوم المختلفة الأكاديمية والتربوية في مهنتهم، يؤدون عملهم بصورة آلية وروتينية مملة.
ولهذا السبب تقوم السلطات التعليمية، ومعاهد التربية، ومدارسها، وهيئات المعلمين، وروابطهم المختلفة بتقديم برامج منوعة تجعل المعلمين أكثر اتصالاً وتعرفاً بالتطورات الحديثة في تلك العلوم(نبيل عامر، 1979: 115).
الأسس العامة لبرامج التأهيل التربوي أثناء الخدمة:
أ – الغرضية: أن يكون التأهيل التربوي أثناء الخدمة هادفاً وملبياً للاحتياجات التدريبية وتحديد الاحتياجات ينطلق ويعتمد على تحديد احتياجات المتدربين.
ب _ الاستمرارية: أن يكون التأهيل التربوي أثناء الخدمة مستمراً باستمرار المعلم في مهنة التعليم وبداية من التحاقه بالخدمة الوظيفية.
جـ - الواقعية: أن يكون التأهيل التربوي أثناء الخدمة مستهدفاً إكساب المعلمين المهارات والخبرات اللازمة التي تساعد على حل المشكلات الفعلية التي تواجه المعلمين في الصف وخلال عملهم اليومي.
د – الشمولية: أن يكون التأهيل التربوي أثناء الخدمة مهتماً بتطوير وتنمية كافة جوانب شخصية المعلم ومناحيها المتعددة من ذاتية ومهنية وتخصصية، كما يجب أن يكون التدريب شاملاً لجميع فئات العاملين بحقل التعليم ومن له علاقة بالعملية التعليمية.
هـ - الملائمة: أن يكون التأهيل التربوي أثناء الخدمة ملبياً لاحتياجات المعلمين ومناسباً لقدراتهم وميولهم وموازناً بين حاجات المعلمين الفردية واحتياجات المجتمع الفعلية(محمد فالوقي، 2001: 199-200).
المرجع:
عیسى محمد نزال شویطر(2009). إعداد وتدريب المعلمین ، دار ابن الجوزي، عمان.
علي راشد(٢٠٠١). اختیار المعلم وإعداده ودلیل التربیة العملیة ، دار الفكر العربي، القاھرة.
إصباح عبدالقوي الشميري(2009م). تقويم برنامج الاعداد المهني للمعلم في الكلية العليا للقران الكريم بالجمهورية اليمنية، كلية التربية، جامعة صنعاء، رسالة ماجستير غير منشورة .
عبدالسلام مصطفى عبدالسلام(2006م). أساسيات التدريس والتطوير المهني للمعلم، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية.
محمد هاشم فالوقي(2001) اتجاهات حديثة في التربية ، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان.
محمد المقرحي(1983م). المعلم إعداده وتدريبه، طرابلس، ليبيا، جريدة المعلم.
نبيل عامر(1979م). بناء وظيفي جديد لمهنة التعليم، قدمت إلى حلقة (متطلبات استراتيجية التربية العربية في إعداد المعلم العربي) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم . مسقط 24/2-1/1/3/1979م ، ص ص111- 190.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق