الثلاثاء، 5 مايو 2020

دور بيئة التعلم في اختيار طريقة التدريس

بقلم أ/ خالد مطهر العدواني 

تمثل بيئة التعلم الإطار العام الذي تنصهر داخله مكونات العملية التعليمية، وتعد من العوامل الهامة التي تساعد على نجاح ما يجري من تفاعل بين المعلم والمتعلمين كما تؤثر في النتائح التربوية، ويكون التعلم مثمراً حينما تكون بيئة التعلم ثرية في عناصرها وأبعادها، وحينما تكون منسجمة مع المنهج الذي يجري تنفيذه، وحينما يعرف المعلم خصائص هذه البيئة وآليات عملها في التأثير على تعلم المتعلمين، أي كيف تؤثر بيئة التعلم في المتعلمين وفي وعيهم وفي نشاطاتهم المختلفة، ولذلك يختلف مستوى أداء المعلم في عمليات تنفيذ المنهج تبعاً لمدى الإمكانات المتاحة، ويعتمد موقفه في تنفيذ المنهج بناء على فهم عناصر هذه البيئة وتفاعله معها. 

فمثلاً قد يكون ممكناً وفقاً للأهداف والمحتوى اختيار طريقة العمل في مجموعات لمعالجة موضوع ما إلا أن عدداً من الصعوبات كعدم ملائمة قاعة الدرس بحيث لا تسمح بتقسيم التلاميذ إلى مجموعات نتيجة لصغر مساحتها مقارنة بعدد المتعلمين أو لعدم توافر الأدوات والأجهزة أو لعدم توافر الكتاب المدرسي والوسائل التعليمية الأخرى لمعالجة اختيار طريقة تدريس أخرى ملائمة لأهداف ومحتوى الدرس تراعي الظروف المؤثرة فيه. 

وقد يختار المعلم استخدام الزيارات الميدانية أو استخدام المتاحف في التدريس، إلا أن ذلك الاختيار يكون بناء على تفاعل المعلم مع البيئة، ومعرفته بما يتوفر فيها من إمكانات. 

وبناء على ذلك يمكن القول أن المعلم حينما يكون بصدد تنفيذ المنهج يحتاج إلى إمكانات معينة، وبقدر توافر تلك الإمكانات، وبقدر تمكنه من كفايات استخدامها يتحدد مستوى أدائه، وبالتالي نوعية عائد التعلم وكمه. 

وفي الوقت الذي توجه التربية الحديثة اهتماماً كبيراً إلى ضرورة توثيق العلاقة بين البيئة والمدرسة واستخدام هذه البيئة كمعمل تجري عليه جميع التجارب  التربوية التي يدرسها التلاميذ في المدرسة، وخارج الصفوف الدراسية، فإنه أصبح من الضروري أن يكون واعياً بخصائص بيئة التعلم وأفضل الظروف التي يمكن أن يحدث فيها التعلم. 

وتشمل بيئة التعلم عدداً من العناصر توجد داخل المدرسة وخارجها، فعلى المستوى المدرسي، تشمل بيئة التعلم المباني المدرسية ومرافقها وتجهيزاتها والوسائل التعليمية والمكتبات والفنيين وغير ذلك من الإمكانات المادية والبشرية التي تتيح للمعلم والمتعلمين القيام بنشاطات تعليمية متعددة ومتنوعة تثري خبرات المتعلمين وتساعد على بلوغ أهداف المنهج، وإلى جانب العناصر المادية هناك عناصر أخرى تشملها بيئة التعلم حيث تعد العلاقات المدرسية والتي تشمل العلاقة بين المعلمين والمتعلمين والإداريين ومع أولياء الأمور والمجتمع المحلي ضرورية لتوفير بيئة مدرسية تعمل على رفع مستوى الدافعية لدى المتعلمين وتحدد العمليات والنشاطات اللازمة لعمليات التعليم والتعلم. 

ولما كان الفصل المدرسي يعتبر وحدة الهيكل التنظيمي المدرسي، فإن الطرق والمعايير المتبعة في تنظيم وتصنيف المتعلمين توثر في أداء المعلمين، كما تؤثر في تعلم المتعلمين. 

فإذا كانت الفصول الدراسية مكدسة بالمتعلمين فقد يضطر المعلمون إلى ممارسة أساليب الضبط والسيطرة وممارسة القوة والعنف، وأساليب الترغيب والترهيب من أجل إنجاز المهام، وبما يمكنهم من نقل المحتوى المعرفي إلى عقول المتعلمين، فيؤثر ذلك في نشاطات المتعلمين وخبراتهم، كما يؤثر في أداء المعلم وموقفه من تنفيذ سياسة المنهج.

وإلى جانب المدرسة هناك البيئة الطبيعية والاجتماعية، فالمدرسة - كبيئة للتعلم - تتأثر بالبيئة التربوية الواسعة في المجتمع، والمتعلمين يتأثرون بالاتجاهات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يؤكدها المربون داخل المدرسة، كما يتأثرون بالاتجاهات التي تسود البيئة والمجتمع المحيط، ومن خلال ذلك يكونون مفاهيم واتجاهات وعادات يحملونها معهم إلى داخل حجرات الدراسة، ولذلك فالمعلم بحاجة إلى مراعاة هذا الجانب عند تخطيطه وتصميمه للمواقف والنشاطات التي يقوم بها المتعلمين داخل المدرسة وخارجها. 

كما أن العلاقة الوثيقة بين المدرسة والمحيط الاجتماعي تساعد المعلم على معرفة حاجات المتعلمين وميولهم، وعلى تفسير هذه الحاجات والميول وتهيئة الفرص اللازمة لنمو المتعلمين نمواً متكاملاً.  

والواقع أن بيئة المتعلمين المحلية فيها عادة كثير مما يشوقهم للدراسة ويساعد على الفهم ويتيح فرص توجيه المتعلمين وتنميتهم في الاتجاهات المرغوب فيها، ويشجع المتعلم على الإسهام في حل مشكلات هذه البيئة، وممارسة التفكير المثمر، والتدرب على جمع المعلومات، ومن أجل ذلك أخذت المدرسة الحديثة تجعل الدراسة مرتبطة ببيئة المتعلم المحلية وحياتهم فيها.  

ولذلك فإن تنظيم الخروج من المدرسة إلى مؤسسات أخرى في البيئة المحلية يتطلب بطبيعة الحال أن يكون المعلم على وعي بالإمكانات المتوفرة فيها، وما يوجد بها من مؤسسات ومصادر مختلفة، وأن يتعرف على علاقتها بالمنهج الذي يقوم بتنفيذه.

ومما يجدر الإشارة إليه أن العناصر التي تشملها بيئة التعلم تختلف من مدرسة إلى أخرى  لذا يختلف تنفيذ المنهج، ولذلك ينبغي على المعلم أن يوجد نوعاً من التكامل بين المنهج والأبعاد البيئية والاجتماعية المؤثرة فيه. 

ومما سبق تتضح العلاقة الوثيقة بين طرائق التدريس والعوامل الأخرى المؤثرة في الموقف التعليمي فالطريقة مهما كانت جديدة وفاعلة فلن يكون لها قيمة تذكر إلا إذا توفرت الضمانات الكافية لترجمتها إلى مواقف جيدة تؤدي إلى أنواع تعلم مناسبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق