السبت، 27 مارس 2021

 

قراءة ناقدة لكتاب

توجهات في التعليم العالي العالمي

رصد الثورة الأكاديمية

Trends in Global Higher Education: Tracking an Academic Revolution

A reported Prepared for the UNISCO 2009 Word Conference on Higher Education

By:

Philip G. Altbach, Liz Reisberg & Laura E. Rumbley

 

أعد التقرير لمؤتمر اليونسكو العالمي للتعليم العالي 2009م

فيليب جي. ألتباخ، ليز ريزبيرغ، لورا إي. رامبلي

ترجمة: مركز البحوث والدراسات، وزارة التعليم العالي، المملكة العربية السعودية

راجعه: د.عبد المطلب جابر

إعداد:

الدكتور نواف سماره

عمادة التطوير الأكاديمي 

جامعة جازان

 

 

 

 

 

 

 

 

تمهيد

في محاولة لرصد أبرز التوجهات في التعليم العالي قام فريق بحثي بإعداد تقرير حول هذا الموضوع وجميعهم أعضاء في مركز التعليم العالي الدولي في جامعة بوسطن، واحتوى التقرير على رصد أبرز التوجهات الحديثة في التعليم العالي العالمي ذات العلاقة بتعميم التعليم العالي، والحراك الأكاديمي، والجودة، والتمويل، وخصخصة التعليم العالي، وتقنيات المعلومات والاتصال، والتعليم عن بعد، والبحث العلمي. وفي نهاية التقرير تم استعراض أبرز التوجهات المستقبلية في التعليم العالي.

تم إعداد هذا التقرير لدراسة التغيرات التي ظهرت منذ عقد مؤتمر اليونسكو العالمي حول التعليم العالي عام 1998م، ويشمل عدداً من التوجهات التي نوقشت في ذلك العام، إلا أنها ظهرت بشكل مكثف خلال العقد المنصرم، وتهتم معظم أجزاء التقرير بالطرق التي استجاب لها التعليم العالي لتحديات التعميم الذي يشتمل على قدر كبير من الحراك الاجتماعي الذي يغطي شريحة متنامية من السكان، وعلى أنماط جديدة لتمثيل التعليم العالي. ويشير التقرير إلى أن التعليم العالي يمر بثورة متسارعة، وفي أتونها تواجه أنظمة التعليم العالي تحديات صعبة في سبيل التغلب على ما تفرضه عليها من مستويات الطلب، وفي تلبية الحاجة الملحة في تشييد بنى تحتية موسعة، وتوظيف مزيد من أعضاء هيئة التدريس. وفي أوائل القرن الحادي والعشرين تحول التعليم العالي إلى مؤسسة قادرة على المنافسة. حيث توجب على الطلاب في عدد من الدول التنافس للالتحاق بمساقات نادرة في الجامعات، وأصبحت عملية الالتحاق بالمؤسسات عالية المستوى في جميع الدول أمرا بالغ الصعوبة، وتتنافس الجامعات للحصول على مراكز متقدمة كما تنافس بشكل عام للحصول على التمويل من مصادر حكومية أو خاصة، وحيث أن هذا التنافس ساعد على تحقيق التميز إلا أنه من الممكن ساهم في حدوث انخفاض في المستوى الدلالي لوجود المجتمع الأكاديمي وفي المهام الأكاديمية والقيم التقليدية فيه.

محتويات الكتاب:

احتوى الكتاب على ثلاثة عشر فصلا، كالآتي:

·       الفصل الأول مقدمة عامة.

·       وتناول الفصل الثاني موضوع العولمة والتدويل.

·       والفصل الثالث جاء بعنوان إتاحة الفرص والمساواة.

·       والفصل الرابع بعنوان أطر عمل ضمان الجودة والمساواة والمؤهلات.

·       والفصل الخامس بعنوان تمويل التعليم العالي.

·       وتناول الفصل السادس التعليم العالي الخاص والخصخصة.

·       وعالج الفصل السابع مركزية وأزمة المهنة الأكاديمية.

·       وتطرق الفصل الثامن إلى موضوع التجربة الطلابية.

·       أما الفصل التاسع فتناول التدريس والتعلم والتقييم.

·       وبحث الفصل العاشر في تقنيات المعلومات والاتصال والتعليم عن بعد.

·       وتناول الفصل الحادي عشر موضوع الأبحاث.

·       وعرض الفصل الثاني عشر الروابط بين الجامعات والصناعة.

·       وجاء الفصل الأخير بعنوان التوجهات المستقبلية.

 

ملاحظات عامة على الكتاب:

يلاحظ على الكتاب أنه أعد بدراسات علمية معمقة لتوجهات التعليم العالي العالمي والذي اعتبرها المؤلفون ثورات أكاديمية تنطلق بصرعة هائلة نحو التغيرات والتطورات العالمية المعاصرة.

كما يلاحظ أن الكتاب أهتم وركز أكثر على الطرق التي استجاب بها التعليم العالي لتحديات التي تواجه التعليم العالي خاصة في ضل وجود حراك اجتماعي يغطي شريحة متنامية من السكان والطلب المتزايد على الانتساب والالتحاق بمؤسسات التعليم العلي وبالتالي زيادة الطلب على التمويل وانظمة وطرق تمويل التعليم العالي.

قد أنطلق في تقديم الرؤى المستقبلية للتعليم العالي العالمي من المعوقات والتحديات التي تواجه التعليم العالي والتي برزت أغلبها في مستويات الطلب المتنامي، وتلبية الحاجة لزيادة الطلب خاصة في البنية التحتية وتوسيعها، وتوظيف المزيد من أعضاء هيئة التدريس.

ولقد أشار الكتاب إلى سوق التنافس في التعليم العالي الذي جعل الطلاب في عدد من الدول يسعون للتنافس للالتحاق بمساقات نادرة في التعليم الجامعي.

مبيناً اثار التنافس بين الجامعات على سوق التعليم العالي الذي يعد في ظاهرة تنافس ايجابي إلا أنه قد يؤدي إلى أثار خطيرة على النظام الاكاديمي والمجتمع والمهام الاكاديمية.

كما يلحظ على الكتاب بأن تأليفه كان بأسلوب شيق وبسيط يستوعبه القارئ ويفهمه بسلاسة وتركيز.

كما أن الترجمة كانت جيدة ويدل على اتقان المترجم ومهاراته وتمكنه من المفردات اللغوية في اللغتين العربية والإنجليزية.

 

وقد أوضح الكتاب العديد من القضايا والمؤثرات على التعليم العالي ومشكلاته المختلفة لعل أهم ما أورده من أفكر كانت على النحو الآتي:

تأثير العولمة:

كان للعولمة تأثير بالغ في تحوير انظمة التعليم العالي الأكاديمية ومسمياتها وطرق وأنظمة التعليم فيها وتمويلها ومخرجاتها.

وكان لذلك تأثير بالغ ومشكلات منهجية وغيرها من المشكلات مما يجعل الدول النامية أكثر الدول تأثراً وتزيد من مشكلاتها الأكاديمية.

ظاهرة التعميم:

زيادة التوسع والالتحاق بمؤسسات التعليم العالي كان استجابة لحركة مطالب الجماهير العامة بدافع التوسع والتحول إلى اقتصاد ما بعد الصناعة، وكذلك بروز الصناعات الخدمية والاقتصاد القائم على المعرفة وهذا ما عرف اليوم بظاهرة التعميم (Massification).

عدم المساواة في فرص الالتحاق:

رغم نسبة التضمين الكبيرة للملتحقين بالتعليم العالي ورغم المبادرات السياسية في السنوات الأخيرة إلا أنه لم تتوفر المشاركة في التعليم العالي لجميع شرائح المجتمع على قدم المساواة.

وتظل التكلفة هي العائق الأكبر للالتحاق بالتعليم الجامعي.

زيادة قدرة الطلاب على التحرك والانتقال:

يتزايد عدد الطلاب الذين يدرسون خارج أوطانهم بمعدلات كبير قد تصل بحلول عام 2020م إلى سبعة ملايين طالب عالمي، وهذه الحركة تعد من أبرز مظاهر العولمة، وهي تعد انعكاساً للاستراتيجيات الوطنية والمؤسسية وقرارات الطلاب الفردية.

التعليم والتعلم والمناهج الدراسية:

يتطلب التعليم العالي العالمي متخصصين والمدربين والمؤهلين لتولي المهن العلمية والتقنية، والقادة الأكفاء ذوي المعرفة العامة والإبداع والقدرة علىالتكيف والاعتبار الخلقي للتطورات الاجتماعية.

أطر ضمان الجودة والمساءلة والمؤهلات:

مع وجود بعض مزودي الخدمات الذين يتيحون الخيارات لمتابعة الدراسة الجامعية، يصبح من الصعب تمييز المؤسسات القانونية عن تلك التي تجعل الشهادات الدراسية والدرجات العلمية متاحة للبيع والشراء، ومن هنا تكمن الحاجة إلى إجاد آليات دولية لضمان الجودة.

تمويل التعليم العالي والجدل حول الصالح العام والصالح الخاص:

بسبب تعميم التعليم الجامعي زادة تكاليف الإنفاق على مؤسسات التعليم العالي مما جعل بعض السياسات أن تنظر إلى ظرورة المشاركة من قبل الطلبة في دفع التكاليف وذلك من خلال تشجيع التعليم الخاص المتنامي.

والعثور على طرق للمحافظة على مستوى جودة التعليم العالي مع إمكانية الالتحاق به من جانب الطلاب المؤهلين سيتطلب ذلك تخطيطاً دقيقاً لتلبية الاحتيجات طويلة وقصيرة الأمد.

ثورة القطاع الخاص:

لقد أصبح النمو في قطاع التعليم العالي الخاص في جميع أنحاء العالم واحداً من أكثر التطورات الملحوظة في العقود الماضية.

وقد نشأ توجه يتمثل في خصخصة الجامعات الحكومية أو استثمار الجامعات الحكومية وزيادة الدخل عن طريقها مما أسهم في تحويل المصادر المالية التي تجنيها السلطة من الجامعات الحكومية إلى تحويلها إلى نمط تجاري، مما يتعارض ذلك مع الأدوار التقليدية للجامعة.

المهنية الأكاديمية:

·         تتعرض المهنية الأكاديمية للضغط على نحو غير مسبوق.

·         ويتعرض سوق العمل الأكاديمي إلى عولمة متزايدة.

·         كما فقدة هيأة الأساتذة جزءاً كبيراً من استقلالها الذاتي.

البيئة البحثية:

تواجه المهام الثلاث للجامعات الحديثة المتمثلة في (التدريس - البحث - الخدمات العامة) صراعاً دائماً بعضها مع بعض على مختلف المستويات.

وترغب الجامعة التي تسعى إلى زيادة إيراداتها في حماية الملكية الفكرية، وهي نتائج البحوث التي ينجم عنها براءة الاختراعات والتراخيص والدخل، وغالباً ما تبرز الصراعات المحتملة بين هؤلاء الذين ينتجون البحوث، والمعاف، والرعاة الذين قد يرغبون في السيطرة على المعرفة والفوائد المتحققة منها.

تنفيذ المعلومات والاتصالات:

يعزى الجزء الأكبر من الإقبال على التعليم عن بعد إلى قدرته على تلبية احتياجات مجموعة واسعة من المتعلمين بما في ذلك الطلاب البعيدون عن المراكز التعليمية، واكبار العاملون، والنساء، مما يحاولون تحقيق التوازن بين التزامات الأسرة والمدرسة.

إلا أن هناك مخاطر وتحديات ترافق هذا النمط من إيصال التعليم، حيث تعد مسألة ضمان الجودة هي التحدي الكثر صعوبة.

  نظرة مستقبلية للتعليم العالي من واقع مخرجات الكتاب:

v      ستستمر مشارطة الطلاب وأنظمة التعليم العالي بالتوسع.

v      سوف تشكل النساء أغلبية الطلاب في معظم الدول النامية.

v      سوف تصبح الوظيفة الأكاديمية وظيفة قائمة بشكل أكبر على التوجه الدولي.

v      سوف تتنوع أنشطة وأدوار الوظيفة الأكاديمية، وسوف تصبح أكثر تخصصاً.

v      ستشهد ميزانيات الجامعات البحثية قيوداً كبيرة.

v      سوف يواجه النظام ضغوطاً لوضع أو رفع الرسوم الدراسية التي يسددها الطلاب.

v      سوف يؤدي تبني بعض الجامعات ممارسات للحد من التكاليف إلى تدهور مستوى الجودة.

v      من المحتمل ظهور حالة من الجمود فيما يتعلق بالتعيينات وتشييد المرافق الجديدة وتحسين تقنية المعلومات وشراء الكتب والدوريات العلمية.

 وفيما يلي نقدم عرض مختصر وملخص لمحتويات الكتب بحسب الفصول الواردة فيه:

 

الفصل الأول:

المقدمة

ركزت مقدمة الكتاب على الثورة الأكاديمية التي أحدثت سلسلة من التغيرات والتحولات التي أثرت في نواحي التعليم ما بعد المرحلة الثانوية حول العالم، كما أن ظهور الاقتصاد المعرفي الذي أصبح حقيقة واقعة تميز بها القرن الحادي والعشرين سوف يحسن من مستوى بروز التعليم العالي، الذي يتضمن المركزية المتنامية القطاع الخدمي، ونشوء حقول جديدة كالتقنية الحيوية، وبروز أهمية تقنيات المعلومات والاتصالات، كما أن الاقتصاد القائم على المعرفة سوف يعزز تنقل المتخصصين المدربين عالمية.

وسوف تستمر الإحصائيات قوة دافعة لعجلتي التنمية والإصلاح خلال العقود القادمة. وفي إطار التوجهات السكانية المستقبلية حددت منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي في عام 2008م هذه التوجهات التي سوف تستمر حتى عام 2030م نعرض تاليا بعضا منها:

·         ستستمر مشاركة الطلاب وأنظمة التعليم العالي بالتوسع في حين أن عددا قليلا من الدول سوف تواجه انخفاضا في أعدادهم.

·         سوف تشكل النساء أغلبية عدد الطلاب في معظم الدول المتقدمة.

·         سوف يزداد تنوع الخليط الطلابي وسوف يتضمن أعداد كبيرة من الطلاب الأجانب والأكبر سنا ومن الطلاب الملتحقين بدوام جزئي. سوف تستمر القاعدة الاجتماعية في التعليم العالي في التوسع وسوف يصاحبها نوع من الارتياب بشأن مدى تأثيرها في عدم تكافؤ الفرص فيما بين الطبقات الاجتماعية. سوف تتغير التوجهات والسياسات المتعلقة بمدى إتاحة التعليم، وكذلك مدى الإدراك فيما بين الجماعات الأقل حظاً.

·         سوف تصبح الوظيفة الأكاديمية وظيفة قائمة بشكل أكبر على التوجه الدولي وستتسم بكثرة التنقل والسفر.

·         سوف تتنوع أنشطة وأدوار الوظيفة الأكاديمية وسوف تصبح أكثر تخصصا، كما ستخضع لأشكال متنوعة من عقود التوظيف.

·          وبالنسبة لعدد من الدول النامية سينتج عن الحاجة إلى وجود أرقام آخذة بالتضخم من أساتذة الجامعات إلى عدم.

·         تحسن المؤهلات عموما، كما سيستمر الاعتماد على أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون بدوام جزئي في عدد من الدول.

إن الهدف من تقرير التوجهات التي تضمنها هذا الكتاب هو اختيار القضايا الرئيسة والعوامل المنهجية التي أسهمت في تشكيل التعليم العالي خلال العقد الماضي، وعرض التوقعات للمستقبل القريب.

ويرى الباحث أن ما ذهب إليه الكتاب من اعتماده على الاحصائيات وتحليلها في استشراف مستقبل التعليم هو صائب وأن لها دلالاتها الهامة في الحكم والتنبؤ بمستقبل التعليم العالي.

ومع ذلك قد تحدث من المتغيرات العالمية المعاصرة خاصة في ظل التكنولوجيا المتنامية والسياسات الدولية المتغيرة قد تنتج تغيرات طارئة لا تتقيد باحصائيات أو توقعات بقد ما تنطلق من قرارات سياسية يتخذها اصحاب السلطة لأهداف سياسية واقتصادية أكثر منها تعليمية.

 

الفصل الثاني:

العولمة والتدويل

لقد أثر مفهوم العولمة - الذي أصبح واقعة في القرن الحادي والعشرين - بشكل كبير في التعليم العالي، وتعرف العولمة بأنها الواقع الذي تشكل من خلال اقتصاد عالمي يتكامل على نحو متزايد، وتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة، وظهور شبكة معرفية دولية، ومن ناحية أخرى يعرف التدويل على أنه مجموعة من السياسات والبرامج التي تنفذها الجامعات والحكومات بهدف الاستجابة إلى مفهوم العولمة.

حيث تشمل هذه البرامج والسياسات ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج، أو إقامة فروع للجامعات في دول أخرى أو الدخول في بعض أشكال الشراكات بين مؤسسات التعليم العالي. ويقدم مفهوم تأثير العولمة على التعليم العالي فرصة للدراسة والبحث، لم تعد محصورة ضمن نطاق الحدود الوطنية، في حين يمثل هذا التوجه اعتداء على الثقافة والاستقلال الوطني.

مع وجود (2. 5) مليون طالب وعدد لا يحصى من الدرجات العلمية والعلماء ممن يتنقلون بحرية حول العالم، لذلك تولدت حاجة ملحة لتحقيق التعاون الدولي وإبرام الاتفاقيات الدولية، وقد برز دور التدويل بشكل كبير على المستويين الإقليمي والدولي، وفي هذا المجال تشكل خطوة (بولونيا) وإستراتيجية (لشبونة) في أوروبا أمثلة واضحة على حجم المشاركة الدولية على هذا المستوى، حيث جذبت الأولى أكثر من (40) دولة للدخول في عملية تطوعية لتمكين فضاء التعليم العالي الأوروبي.

وقد أصبحت هذه العملية مرجعا للجهود المشابهة في أماكن أخرى في العالم، ومنها فضاء التعليم العالي في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وتطوير إستراتيجية مواءمة في الاتحاد الإفريقي. وقد شهد العقد الماضي انفجاراً حقيقياً في عدد البرامج والمؤسسات الفاعلة على الصعيد الدولي، حيث تبرز قطر وسنغافورة والإمارات العربية أمثلة للدول التي روجت بجرأة مفهوم التدوين بكونه أحد السياسات الوطنية، حيث دعت هذه الدول الجامعات الأجنبية المرموقة إلى تأسيس فروع محلية، وذلك بهدف التوسع في إمكانية وصول الطلاب المحليين إليها ولتكون بمثابة محاور للتعليم العالي تتمركز في مناطقها، أما الدول الفقيرة والأكثر حرمان من الموارد فإن الفرص فيها للمشاركة على الصعيد الدولي محدودة للغاية. وفي هذا الإطار فإن ثروات الأمم والجامعات تؤدي دورا رئيسا في تحديد جودة ومركزية جامعة أو نظام أكاديمي ما، مما يضع البلدان النامية في وضع غير مناسب، ويحدث ضغوط خاصة على معظم الأنظمة الأكاديمية التي تواجه مشكلة الانتساب الموسع والحاجة إلى دعم الجامعات البحثية رفيعة المستوى.

لقد حققت الاستجابة لمطالب الجماهير العامة عددا من التحولات الرئيسة في العقود الماضية، حيث كان الدافع وراء هذا التوسع هو التحول إلى اقتصاد ما بعد الصناعة، وكذلك بروز الصناعات الخدمية والاقتصاد القائم على المعرفة. وقد كانت الولايات المتحدة أول دولة تحقق التعليم العالي للعامة، حيث التحق (40%) من الفئة العمرية المحددة بمراحل تعليمية فوق المرحلة الثانوية عام 1960م، وشهدت أوروبا الغربية واليابان نموا سريعا خلال الثمانينات، تليها الدول المتقدمة في شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية وقد واصلت الهند والصين النمو بخطى سريعة. وعلى الصعيد العالمي نمت النسبة المئوية للفئة العمرية للملتحقين في صفوف التعليم العالي من (19%) عام 2000م إلى (26%) عام 2007م، حيث حققت المكاسب الأكثر إثارة من جانب شريحة الدول ذات الدخول المتوسطة إلى العليا والدول ذات الدخل الأعلى، ويبلغ عدد الطلاب الجامعيين (150.6) مليون طالب حول العالم، وبنسبة نمو (53%) تقريبا مقارنة بعام 2000م، وقد تحسن مستوى مشاركة لدول منخفضة الدخل في التعليم العالي بنسب ضئيلة، حيث ارتفعت من (5%) عام 2000م إلى (7%) عام 2007م وتمتلك دول إفريقيا جنوب الصحراء أدني نسبة مشاركة في العالم (5%) وفي أمريكا اللاتينية لا تزال نسبة الالتحاق تنقل عن نصف النسبة التي حققتها الدول ذات الدخل المرتفع. وتستلزم عملية الحضور تکاليف خاصة كبيرة تصل إلى ما يقرب من (60%) من متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

 

ويتفق الباحث مع المؤلفين فيما ذكر حول العولمة وتأثيرها وأن التعليم العالي سيأخذ منحى أخر ومختلف في المستقبل، قد يكون أكثر فائدة وإيجابية لدول العالم المتقدم ولكنه قد يكون وبال واثار سلبية وخطيرة على دول العالم النامي التي تفتقد للقدرة التنافسية في المحافظة على الأكاديميين أو التعاقد مع غيرهم من الخارج أو القيام بتبادل المنح الطلابية وتقديم خدمات التعليم العالي التي تتطابق وتتوافق مع العولمة وتدويل التعليم العالي.

 

الفصل الثالث:

إتاحة الفرصة والمساواة

تعني مسألة إتاحة التعليم العالي لكافة الشرائح السكانية في الدولة مواجهة حالات عدم المساواة الاجتماعية المرسخة بعمق في البنية التاريخية والثقافية والاقتصادية والتي تؤثر على قدرة الفرد على المنافسة. وقد أسهمت عملية التوزيع الجغرافي والتوزيع غير العادل للثروات والموارد في حرمان المجموعات السكانية، وتتجه المشاركة لأن تكون أقل من المتوسط القومي للسكان القاطنين في مناطق بعيدة أو ريفية. وقد وضعت بعض الحكومات مقاييس لزيادة فرص الالتحاق، حيث استثمرت وزارة التربية والتعليم في المكسيك في تطوير خدمات تعليمية إضافية في المناطق المحرومة.

وحققت بعض النجاح في ذلك، حيث شكل (90%) من الطلاب أول الملتحقين في مجالات التعليم العالي من أفراد عائلاتهم، في حين شكل (40%) منهم من مناطق فقيرة اقتصاديا. وتوجد مظاهر عدم المساواة في الدول التي يعد معدل الالتحاق بالتعليم العالي فيها عالية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت معدلات المشاركة من جانب طلاب الأقليات أقل من المعدلات الأخرى. وتظل التكلفة العائق الأكبر للالتحاق بالتعليم الجامعي. فبالرغم من مجانية التعليم في بعض الأحيان فإنه يتعين على الطلاب تحمل تكاليف غير مباشرة، وفقدان مصادر الدخل أحيانا، وقد أظهرت المنح الدراسية أو برامج القروض قدرا من النجاح. لكن لا يمكنها وحدها إزالة العوائق الاقتصادية. كما يشكل الخوف من الديون رادعة أكبر للطلاب القادمين من بيئات فقيرة، وقد اكتسبت برامج الإقراض شعبية كبيرة في استراليا ونيوزلندا وجنوب إفريقيا. إلا أن هذه البرامج ما زالت أكثر جذبة للطلاب من الطبقات المتوسطة والطبقات الأقل.

 

ويختلف الباحث مع الكتاب في موضوع أن هناك تساوي في اتاحة الفرص أمام جميع السكان والطلاب للالتحاق بالتعليم العالي ولكنه في ذات الوقت يبين العوائق والصعوبات التي تواجه ذلك التساوي، ومن هنا يمكن القول قد يتاح فرصة التساوي لمشاركة جميع السكان بالالتحاق بالتعليم العالي رغم المعوقات الاقتصادية وتنافس السوق القائم في التعليم العالي وذلك في الدول الغنية بينم الدول الفقيرة ودول العالم الثالث قد لا تستطيع تقديم خدمة التعليم العالي لجميع سكانها وخاصة في ظل الازمة الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف التعليم العالي وشحة الموارد والميزانيات المرصودة للتعليم العالي مما يجعله محصوراً على القادر من الطلبة وليس متاحاً للجميع.

 

الفصل الرابع:

أطر عمل ضمان الجودة المساءلة والمؤهلات

كما ارتفعت عملية ضمان الجودة في التعليم العالي إلى قمة الأجندة السياسية لعدد من الدول، ويتعين على التعليم ما بعد الثانوي إعداد الخريجين ومدهم بالمهارات الجديدة وبقاعدة معرفية واسعة.

كما تكافح الوكالات في جميع أنحاء العالم من أجل تحديد الأهداف بطريقة تضمن وضوحها ومشاركتها عبر الحدود والثقافات. ونتيجة لترسيخ مبادئ العولمة والتكامل الإقليمي والتزايد المستمر في أعداد الطلاب الملتحقين بأنظمة التعليم العالي المختلفة، فقد دعت الحاجة إلى إيجاد معايير معترف بها دوليا.

ويطالب المستهلكون في قطاع التعليم (الطلاب، أولياء الأمور وأرباب العمل) بوجود نوع من المصادقة على المؤسسات والمؤهلات التي تمنحها، ولا تزال آليات وضع أسس المقارنة على الصعيد الدولي جديدة ولم يختبر معظمها بعد.

 وبالرغم من تعدد أبعاد مفهوم الجودة، فقد وضع نمط محدد لتقييم التعليم العالي في معظم الدول، وبعمل النمط الجديد إلى الاعتماد على النظراء بدلا من الجهات الحكومية، حيث تقيم المؤسسات بالنظر إلى رسالتها التي وضعتها، وليس مقارنة مع نموذج مؤسسي تحدده وكالة تنظيمية. وفي بعض الحالات تحولت وظيفة التنظيم الخاصة بعدد من الحكومات والوكالات شبه الحكومية إلى دور شرعي، ويصب الاهتمام حاليا على نتائج التعليم العالي، حيث يبحث المقيمون عن بيانات ومؤشرات جديدة تبرهن على أن الطلاب قد تلقوا موضوعات محددة نتيجة تعلمهم.

وقد أطلق في عام 2006م مشروع تقييم نتائج التعلم في التعليم العالي التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنموي، حيث يركز المشروع على قياس وتقييم مدى التفاعل ما بين الطلاب وهيئة التدريس، والتوقعات الوظيفية وإكمال فترة التعليم والنجاح في إيجاد وظيفة. ومع سهولة انتقال الطلاب وتناقل البرامج، أصبحت مقارنة المؤهلات التعليمية قضية رئيسة في المناقشات الدولية، فقد وضعت اليونسكو عددا من التسهيلات لصياغة الاتفاقيات التي تلزم موقعيها بإتباع سياسات وممارسات مشتركة لتسهيل انتقال وسفر الطلاب داخل كل منطقة، وتعكس عملية (بولونيا) التقدم الكبير المتعلق بدمج التعليم العالي في أوروبا من خلال وضع هيكل مشترك للشهادة الجامعية وأطر عمل تحكم المؤهلات. وتهدف العملية إلى تحقيق التجانس وضمان الجودة عبر دول أوروبا، مع الأخذ بعين الاعتبار معايير الشفافية والمرونة في التحرك والقدرة على إيجاد الوظائف والتعليم المرتكز على الطالب.

وقد جمعت الشبكة الأوروبية لضمان الجودة في التعليم العالي عام 2000م عددا من وكالات ضمان الجودة المحلية المتواجدة في المنطقة، وعملت على تأسيس منتدى مهم يعمل على إشراك الدول الأعضاء في مشاريع انتقالية خاصة بضمان الجودة.

وتحاول المنظمات الأخرى تنسيق أنشطة ضمان الجودة على الصعيد الدولي، حيث تحظى هذه الأنشطة بدعم البك الدولي، وقد قبلت الخطط التي تعنى بضمان الجودة جزءا أساسا من التعليم العالي، في حين دعت الحاجة إلى دمج الجهود المبذولة محلية وإقليمية ودولية. وقد دخلت اليونسكو في شراكة مع البنك الدولي لتعزيز هذا الحوار، من أجل إطلاق المبادرة العالمية لقدرات ضمان الجودة التي ستضم أعضاء من بعض الشبكات الإقليمية والدولية.

 ومع وجود بعض مزودي الخدمات الذين يتيحون الخيارات لمتابعة الدراسة بعد الثانوية، يصبح من الصعب تمييز المؤسسات القانونية عن تلك التي تجعل الشهادات الدراسية والدرجات العلمية متاحة للبيع والشراء، ومن هنا تكمن الحاجة إلى إيجاد آليات دولية لضمان الجودة، وقد أطلقت اليونسكو بوابة إلكترونية لإرشاد الأفراد حول مصادر المعلومات التي ستساعدهم في التفريق بين الوثائق والمؤسسات الشرعية وتلك الزائفة.

ويرى الباحث أن أهم ما في الموضوع في ظل التنافس والعولمة والجامعات المفتوحة والتغيرات الحاصلة في سوق التعليم العالي هي قضية ضمان جودة التعليم التي باتت على المحك، في الوقت الذي تسعى فيه الدول ومؤسسات التعليم العالي العالمية لتحسين جودتها والارتقاء في التعليم العالي لديها إلا أنها تتعرض لمخاطر كبيرة قد تفقد التعليم العالي أهميته ومكانته ورسالته وأهدافه.

لذا بات التحدي الحقيقي أمام التعليم العالي العالمي في المستقبل هو مسايرة التغيرات العالمية الحاصلة مع المحافظة على جودة التعليم وتقديم البرامج والخطط الازمة لضمان التعليم.

 

الفصل الخامس:

تمويل التعليم العالي

ينظر حالياً إلى التعليم العالي بكونه المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية، أما العوائد من الضرائب الحكومية فهي لا تتوافق مع تكاليف التعليم العالي المتزايدة بحدة، وقد شكل التوسع في أعداد الطلاب تحدياً رئيساً للأنظمة، حيث كان التقليد المتبع هو إتاحة إمكانية الوصول إلى التعليم العالي نجانا، أو توفير دعم حكومي، وفي ما يتعلق بالناحية المالية فقد شكل هذا التقليد أنموذجا غير مستدام، مما يلقي بكثير من الضغوطات والتحديات على الأنظمة لإعادة هيكلة العقد الاجتماعي المبرم بين التعليم العالي والمجتمع.

 وخلال العقود الماضية كان ينظر إلى التعليم العالي بكونه محققة للصالح الخاص، حيث يحقق قدرا كبيرا من المنفعة للأفراد، مع وجود اعتقاد ضمني بوجوب سداد المؤسسات الأكاديمية والطلاب الدارسين لديها جزءا كبيرا من تكاليف التعليم ما بعد الثانوي. وقد استلزم النقص في مصادر التمويل نتيجة التعميم تحمل أنظمة ومؤسسات التعليم العالي مسؤولية تحقيق نسب أعلى من عوائدها. ولذلك فإن التركيز بشكل متزايد على مسألة استرداد التكاليف وفرض الرسوم الدراسية العالية والروابط بين الجامعات والصناعة يحيد عن الدور الاجتماعي التقليدي وعن الوظيفة الخدمية التعليم العالي التي تعد مسألة رئيسة تعنى بها المجتمعات المعاصرة.

وترعى بعض الجامعات دور النشر والدوريات العلمية وفرق التمثيل المسرحي ومحطات الإذاعة والتلفاز غير التجارية، كما تعمل لتكون مراكز فكرية رئيسة، وتعد هذه الأدوار مهمة على وجه الخصوص في الدول ذات المخرجات الاجتماعية والثقافية الضعيفة. واستجابة للضغوطات المالية التي تواجه الجامعات سعت هذه الجامعات والأنظمة الوطنية لوضع حلول تشمل جانب التكلفة والطلب.

وأما الحلول المتعلقة بهذا الجانب فتعد الأحجام المتزايدة للغرف الدراسية والأعباء التدريسية واستبدال الهيئة التدريسية العاملة بدوام جزئي قليلة التكلفة بطاقم أكاديمي يعمل بدوام كامل عالي التكلفة صعوبات ومشاكل أكاديمية يجري مناقشتها ببطء.

وتشمل الحلول السياسية الخاصة بالعوائد على المشاركة في التكاليف، كما ترتبط بشكل عام بالرسوم الدراسية ورسوم استخدام الحجرات الدراسية ومعداتها، وقد أدخلت الرسوم الدراسية في الدول التي كان التعليم العالي فيها متوافرة بالمجان أو شبه مجاني سابقا (المملكة المتحدة عام 1998، النمسا عام 2001). وقد رفعت بعض الدول وخصوصا تلك الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء رسوم المعيشة للطالب بشكل كبير، كما تم تقليص المنح الدراسية المخصصة للطلاب في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية وفي آسيا وعدد من الدول الإفريقية، وقد حافظت بعض الدول مثل: اليابان والفلبين واندونيسيا والبرازيل وبعض الدول في أمريكا اللاتينية وشرق آسيا على قطاع عام محدود الحجم، عالي الانتقائية يضم النخبة فقط، وقد حولت جميع التكاليف المترتبة على المشاركة الموسعة إلى أهالي الطلاب من خلال تشجيع قطاع التعليم العالي الخاص المتنامي.

 

الفصل السادس:

التعليم العالي الخاص والخصخصة

لقد أصبح النمو في قطاع التعليم العالي الخاص في جميع أنحاء العالم واحدة من أكثر التطورات الملحوظة في العقود الماضية. حيث بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي الخاص حوالي (30%) وبالرغم من وجود هذا القطاع في عدد من الدول ومع بروزه قوة مهيمنة في بعض دول شرق آسيا مثل اليابان والفلبين فإنه لا يزال يشكل جزءا صغيرة من حجم التعليم العالي في معظم الدول. وتمثل مؤسسات التعليم العالي الخاص التي هي في أغلبها مؤسسات ربحية أو شبه ربحية القطاع الأسرع نموا في العالم. وتشمل الدول التي تفوق نسبة الالتحاق بالتعليم العالي الخاص فيها (70%) كلا من إندونيسيا واليابان والفلبين، ويوفر قطاع التعليم العالي الخاص فرص تعليم لأكثر من نصف السكان في دول مثل المكسيك والبرازيل وتشيلي، وتشهد الجامعات الخاصة نمو سريعة في وسط وشرق أوروبا وفي إفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، كما يوجد لدى كل من الصين والهند قطاعات خاصة مهمة. وسجلت دول منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معدلات التحاق بالتعليم الخاص لديها. وخصوصا مع دخول الجامعات الأمريكية في مصر والأردن ولبنان وغيرها من الدول. وبشكل عام يعد القطاع الخاص وسيلة لاحتواء معدلات الطلب الضخمة عن طريق إتاحة فرص الالتحاق الطلاب غير المؤهلين للالتحاق بمؤسسات القطاع العام. أو الطلاب الذين لا يمكنهم التكيف في الجامعات الأخرى نظرا لاكتظاظها بالطلاب. وبالرغم من وجود بعض الجامعات الخاصة المنتقاة إلا أن قطاع التعليم الخاص يخدم شريحة كبيرة من الطلاب، كما ينظر إليه بكثير من الاحترام. وتشكل المؤسسات الربحية القانونية قطاعة فرعية صغيرة في التعليم العالي، لكن هناك نموا ملحوظا في كافة المناطق النامية. ويدار القطاع الخاص بكونه أنموذجا للأعمال، تتركز فيه السلطات في الإدارة والجهاز الإداري التنفيذي.

ولا تمنح هيئة التدريس نطاق واسعة من السلطات والصلاحيات، وينظر إلى الطلاب بكونهم مستهلكين. وقد نشأ توجه مرتبط بذلك يتمثل في خصخصة الجامعات الحكومية، فقد طلبت بلدان مثل أستراليا والصين من الجامعات صراحة كسب مزيد من مصروفات التشغيل عن طريق زيادة دخلها، وبالإضافة إلى الرسوم الجامعية تحقق الجامعات الحكومية الدخل من الأموال المخصصة للبحوث. إلى جانب الدخل من بيع المنتجات ذات الصلة بالجامعات، والاستشارات وخدمات البحوث، وزيادة الروابط بين الجامعات والمؤسسات الصناعية. وفي بعض الحالات تسهم المصادر المالية المذكورة في تحويل المؤسسة إلى نمط تجاري. كما أنها تعارض مع الأدوار التقليدية للجامعة.

 

ويرى الباحث أن تزايد الجامعات الخاصة والكليات المختلفة المعتمدة على القطاع الخاص أو توجه الدول إلى خصخصة مؤسسات التعليم العالي سيؤدي إلى زيادة في التحاق الطلاب بالتعليم العالي، ولكنه قد يؤدي إلى ضعف التعليم العالي ومخرجاته إلى لم يكن هناك مراقبة وتشريعات صارمة وضمان جودة التعليم.

حينها قد يتحول التعليم العالي الخاص من تعليم داعم ومساند للتعليم العالي الحكومي إلى تعليم ربحي قائم على الربح والبيع والشراء دون الاكتراث لضمان جودة التعليم ولا رقابة ومساءلة.

 

الفصل السابع:

مركزية وأزمة المهنة الأكاديمية

تتعرض المهنة الأكاديمية للضغط على نحو غير مسبوق، حيث أدت الحاجة إلى الاستجابة لمطالب التعميم في انخفاض متوسط مؤهلات الأكاديميين في عدد من البلدان. فمن المحتمل أن يكون ما يقرب من نصف أساتذة الجامعات في العالم حاصلين على البكالوريوس) فقط.

 ففي الصين (9%) فقط من العاملين في المهن الأكاديمية حاصلين على درجة الدكتوراه)، وتصل هذه النسبة إلى (35%) في الهند.

 ويحمل عدد من أساتذة الجامعات في البلدان النامية درجة البكالوريوس) فقط، كما زاد عدد الأكاديميين العاملين بشكل غير متفرغ في كثير من البلدان لا سيما في أمريكا اللاتينية، حيث تصل نسبة الأساتذة الجامعيين العاملين بدوام جزئي إلى (80%) وتقوم الجامعات الآن في بعض البلدان بتوظيف أساتذة بدوام جزئي ممن يعملون بدوام كامل في مؤسسات أخرى كما في الصين وفيتنام وأوغندا.

 كما أن الأساتذة في الجامعات الحكومية في كثير من أنحاء العالم يعملون في قطاع التعليم العالي الخاص المزدهر من خلال العمل الإضافي. ويعد التفاوت في الرواتب بين الدول كثيرة جدا، مما أسهم في هجرة العقول إلى البلدان التي تدفع أكثر.

وتشير دراسة حديثة حول الرواتب الأكاديمية في (15) دولة إلى أن أعضاء هيئة التدريس المتفرغين يمكنهم العيش بالاعتماد على الراتب.

 وتتعرض سوق العمل الأكاديمي إلى عولمة متزايدة، وذلك مع عبور عدة آلاف من الأكاديميين الحدود للتعيين على مختلف المستويات. ويتمثل التدفق الأكبر في العبور من الجنوب إلى الشمال، وتستفيد أمريكا الشمالية خاصة من تدفق الأكاديميين من عدد من البلدان، بما في ذلك نسبة كبيرة من أوروبا ممن يسعون للحصول على رواتب أعلى، وقد تغير نمط هجرة العقول من العالم النامي إلى حد ما، فالأكاديميون الذين يغادرون بلدانهم يحرصون حاليا على الحفاظ على مزيد من التواصل مع بلدانهم الأصلية، ويعملون من الخارج بالتعاون مع زملائهم في أوطانهم.

ومع ذلك لا تزال أنماط الهجرة الأكاديمية لا تخدم مصلحة البلدان النامية، فبعض البلدان بما فيها (سنغافورة، دول الحليج، أوروبا الغربية، كندا الولايات المتحدة) لديها سياسات متبعة لجذب العلماء والباحثين من الخارج.

وعلى صعيد المسالة والتقييم فقدت هيئة الأساتذة جزءا كبيرا من استقلالها الذاتي، حيث انتقل أمر السلطة في مجال التعليم العالي من الأكاديميين إلى المديرين البيروقراطيين، الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على الجامعات.

 

ويرى الباحث أن الكتاب قد شخص الحالة في هذا الفصل وحاول توضيح اثار تعميم التعليم العالي على جميع السكان والمشكلات التي يعاني منها التعليم العالي الأن خاصة في موضوع ضعف إعداد الأساتذة والأكاديميين المؤهلين والمدربين وبين بالإحصائيات تلك المشكلة، ولكنه لم يضع لها حلولاً أو تصوراً واضحاً لتلافي تلك المشكلة في المستقبل وخاصة أنها هامة، بل ويعتمد عليها التعليم العالي في عمله.

 

الفصل الثامن:

التجربة الطلابية

يبلغ عدد الطلاب الذين يدرسون خارج أوطانهم أكثر من (2.5) مليون طالب، وتشير التوقعات إلى ارتفاع هذا العدد ليصل إلى (7) ملايين طالب عالمي بحلول عام 2020م، وتعد قدرة الطالب على التحرك والانتقال واحدة من أبرز مظاهر العولمة. ويعد تدفق الطلاب الدوليين انعكاسا للاستراتيجيات الوطنية والمؤسسية، ويضاف إلى ذلك قرارات الطلاب الفردية.

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الطلاب الذين خارج أوطانهم بلغ (2.8) مليون طالب موزعين حسب منطقة الوجه كالآتي: دول إفريقيا جنوب الصحراء (1.817)، آسيا الوسطى (0.514) أمريكا اللاتينية والكاريبي (0.200)، جنوب وغرب آسيا (0.269). وبلغ على عملية انتقال الطلاب الدوليين للدراسة خارج أوطانهم توجهين اثنين، الأول الطلاب القادمين من آسيا ممن يلتحقون بالأنظمة الأكاديمية الرئيسة في كل من أمريكا الشمالية وغرب أوروبا وأستراليا. وقد عدلت بعض الدول مثل المملكة المتحدة واستراليا وكندا متطلبات الحصول على تأشيرة الدخول والهجرة لجذب الطلاب والأجانب، وكان الدافع وراء ذلك هو رغبة هذه الدول في الاحتفاظ بقدرتها على المنافسة اقتصادية وتحقيق المكاسب المالية من إلحاق أعداد كبيرة من الطلاب الدوليين القادرين على دفع الرسوم الدراسية.

أما التوجه الثاني فهو مقتصر على دول الاتحاد الأوروبي حيث يشكل الانتقال جزءا من برامجها المتنوعة الهادفة إلى تشجيع الطلاب على الانتقال.

وقد عملت الجامعات والأنظمة الأكاديمية على تطوير عدد من الاستراتيجيات بهدف الاستفادة من البيئة العالمية الجديدة وجذب طلاب غير مقيمين، حيث أسست بعض الجامعات في الدول غير الناطقة باللغة الانجليزية برامج تعليمية بهذه اللغة لجذب الطلاب من الدول الأخرى، وتمثل فروع الجامعات في الدول الأخرى والبرامج الأكاديمية الدولية والترتيبات والامتيازات للحصول على الدرجات الأكاديمية بعضا من مظاهر إستراتيجيات التدويل.) ويكمن التحدي الحقيقي الذي يقف في وجه التعليم العالي في كيفية إتاحة الفرص العالمية للجميع على نحو متكافئ.

وفي أغلب الأحيان يستثمر النطاق الواسع من الفرص الجديدة التي توفرها بيئة التعليم العالي العالمية من جانب الطلاب والدارسين المنتمين إلى الطبقة الغنية أو المتميزة اجتماعية، وفي حال استمرار توجهات التحويل الحالية هذه، فسوف ينحرف توزيع الثروات والمواهب العالمية أيضا.

 

ويرى الباحث أن الابتعاث وتدويل الطلاب والدراسة خارج أوطانه له مميزات وعيوب اضافة إلى ما ذكره الكتاب.

فمن مميزاته هو تبادل الخبرات والمعارف وانتقالها من دولة لأخرى وتزيد من تطور العلوم والمعارف مما يعود بالنفع على الدول المستضيفة اقتصادياً وعلى الدول الباحثة علمياً.

واما عيوبها فإنها تؤثر اقتصاديا على الدول النامية والفقيرة ولا يأخذ جميع الطلاب الفرصة في الابتعاث والدراسة خارج أوطانهم إضافة إلى تغير الثقافات ونقل ثقافات من الدول المبتعث إليها قد لا تتوافق مع ثقافة ومعتقدات الدولة الأم مما يخلق مشكلات اجتماعية وثقافية على المدى البعيد.

 

 الفصل التاسع:

التدريس والتعلم والتقييم

ظهر اندفاع حقيقي خلال السنوات العشر الماضية لتغيير توجهات الجامعات نحو التدريس والتعلم في بعض مناطق العالم. إن التحديات في إحداث هذه التغيرات عبر الأنظمة والمؤسسات والتخصصات كبيرة، وسيظل نموذج الجامعات القائمة على الأبحاث موجودة. إلا أن خصخصة وتعميم التعليم يزيد بشكل كبير من الحاجة لإعطاء الأولوية التدريس والتعلم والتقييم وإحداث التغيرات التي تركز عليها الدراسات الموثوقة والاستراتيجيات المعتمدة. ومن منظور عملي يتعين الأخذ بعين الاعتبار المبادرات التي تسعى لتصنيف الجامعات لتكون بحثية أو تدريسية وتقديم التمويل بما يتماشى مع ذلك.

وعلى الرغم من أن البحث لا يزال يتمتع بمكانة مرموقة في بعض النطاقات إلا أن التدريس حاليا يعد الغاية العامة والنشاط الأساس للجامعات، وللتمكن من التنافس في سوق المعرفة العالمية يجب على الجامعات أن تعطي أولوية لتدريس وتعلم الطلاب. ولحسن الحظ يأتي الضغط لتحسين التدريس في الوقت الذي أصبحت الأبحاث فيه حول التدريس والتعلم قادرة بشكل متزايد على توفير إطار عمل لتوجيه سياسات وقرارات المدرسين على صعيد المؤسسة بكاملها. وتعد الجامعات - خصوصا في أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا - في وضعية أفضل لتدعيم النظرية التعليمية أداة عكسية لتنفيذ إجراءات وسياسات التدريس والتقييم على أساس جامعي، وفي بعض المؤسسات يعتمد تصميم المواد وأساليب التقييم على نتائج تعلم الطلاب بدلا من قيام المدرسين بتقديم محتوى المادة الدراسية. ويتعين القيام بمزيد من الأبحاث لفهم عناصر التدريس والتعلم في شريحة أوسع من البيئات الوطنية والمؤسسية. ومن المهم جدا خلال السنوات القادمة تقييم الاحتياجات بفعالية، وتطوير توجهات ملائمة ثقافية لتحقيق أقصى حد من نتائج التعلم الايجابية، والعثور على طرق لتقديم المواد الملائمة والمصادر لمؤسسات وأنظمة التعليم العالي الأقل حظ.

الفصل العاشر:

تقنيات المعلومات والاتصال والتعليم عن بعد

تعتبر الجامعات التي لا تواكب التطور في تقنية المعلومات والتعلم عن بعد والابتكارات القائمة على التقنية بأنها جامعات عتيقة. إن اندثار الجامعة العتيقة لن يحدث في القريب العاجل، إذ إن هناك بعدة عميقة وواسعة بين استخدام تقنية المعلومات والاتصالات والاستفادة منها لتحسين الجودة. ولكن حدث تغير كبير للتحول الأكاديمي في القرن الحادي والعشرين. لقد أحدث (الانترنت) ثورة حقيقية في كيفية إيصال المعرفة، فقد توسع انتشار تقنية المعلومات والاتصالات في معظم الاقتصاديات العالمية المتقدمة، وأثرت على كافة أبعاد قطاع التعليم العالي، ويوفر البريد الالكتروني ومساحات الشبكات الاجتماعية عبر الانترنت) سبة للتعاون الأكاديمي والبحث المشترك، وقد انتشرت الدوريات العلمية الالكترونية على نطاق واسع، فيما تحول الناشرون التقليديون للكتب والدوريات العلمية إلى شبكة الانترنت لتوزيع منشوراتهم، هذا وقد اكتسبت حركة المصادر التعليمية المفتوحة زخما كبيرا مما وفر الوصول المجاني إلى المقررات والمناهج الدراسية وطرق التدريس غير المتوافرة محلية.

ومن دراسة المعاني المتضمنة لهذا الاتجاه يتبين أنه قد أدى إلى تفاقم الانقسام بين من يملكون ومن لا يملكون، حيث أن هناك تكاليف باهظة وصعوبات وتحديات تنطوي على الاعتماد على تقنية المعلومات والاتصالات من حيث الأجهزة والبرامج الالكترونية والدعم التقني والتدريب والتحديث، ولا تزال بعض مناطق العالم لا سيما إفريقيا تفتقر إلى انتشار الانترنت) فائق السرعة، في الوقت الذي تتخلف فيه البلدان الأفقر في العالم نظرا لتوجه إنتاج المعلومات ونشرها نحو المسارات التقنية وتعاني هذه الدول من قدرة معدومة للوصول إليها.

لقد ساهم التطور في التقنية والاتصالات في تغيير معالم التعلم عن بعد، مما سمح بتحقيق نمو حقيقي في أعداد وأنواع مقدمي الخدمات، ومطوري المناهج الدراسية وأساليب التوصيل والابتكارات التدريسية. ومن الصعب تحديد أعداد الطلاب الذين يدرسون عن بعد في جميع أنحاء العالم ولكن على سبيل المثال وجود ما يقرب من (24) جامعة ضخمة تضم أكثر من مليون طالب يشير إلى ظاهرة كبيرة من الناحية الكمية.

 لقد هيمنت الجامعات المفتوحة واسعة النطاق على هذا القطاع لعدة عقود، فعلى سبيل المثال تضم جامعة (أنديرا غاندي) الوطنية المفتوحة في الهند (1.8) مليون طالب، وتدعي جامعة جنوب إفريقيا) أنها المؤسسة الرائدة على مستوى القارة في التعليم العالي حيث تضم ما يقرب من (250000) طالب، في الوقت الذي تعمل الجامعة الافتراضية الإفريقية عبر الحدود والمجموعات اللغوية في أكثر من (27) دولة.

ويعزى الجزء الأكبر من الإقبال على التعليم عن بعد إلى قدرته على تلبية احتياجات مجموعة واسعة من المتعلمين بما ذلك الطلاب البعيدون عن المراكز التعليمية والكبار والعاملون. وبالرغم من ذلك فإن هناك مخاطر وتحديات ترافق هذا النط من التعليم، حيث تعد مسألة ضمان الجودة هي التحدي الأكبر والأكثر صعوبة.

 

ويتفق الباحث مع مؤلفو الكتاب في ضرورة تطوير التعليم العالي وفقاً للتطور الحاصل في التكنولوجيا وتقنيات التعليم، وأن التسارع بل الانفجار التكنولوجي سيؤثر بدرجة كبيرة جداً على التعليم العالي الأمر الذي سيؤثر ايجاباً وسلباً على السوق التنافسية في التعليم العالي العالمي.

لذا يتوجب على مؤسسات التعليم العالي مواكبة ذلك التطور وإدخال التكنولوجيا بكل ابعادها لأن المؤسسة التي لا تتعامل مع التكنولوجيا ستتقادم وقد تنقرض، وأن مخرجاتها لن يكون لها مكان في سوق العمل.

الفصل الحادي عشر:

الأبحاث

تواجه المهام الثلاث للجامعات الحديثة المتمثلة في التدريس والبحث والخدمات العامة صراع دائما بعضها مع بعض على مختلف المستويات يتمثل في اتخاذ القرارات لتحديد الأولويات وتوزيع الموارد.

وتتربع الجامعات البحثية على قمة النظام الأكاديمي وتشارك بشكل مباشر في شبكة المعرفة العالمية، حيث يتطلب بناؤها نفقات كبيرة ويعد الحفاظ عليها باهظ الثمن، ويجب الحفاظ على مرافقها وفقا لأعلى المعايير الدولية.

وقد أصبح إنتاج البحوث في مجالات رئيسة كتقنية المعلومات وعلوم الحياة أمر في غاية الأهمية لبرامج التنمية وهيبة المؤسسات الفردية. وقد زاد دعم الحكومات للبحوث القائمة على الجامعات في السنوات الأخيرة من أجل تشجيع البحوث في مجالات تشمل التقنية الحيوية وعلم المعلومات. فيما زادت في الاتحاد الأوروبي حصة إنفاق التعليم العالي على البحث والتطوير باستمرار على مدى السنوات الماضية.

ويمول القطاع الحكومي بشكل مباشر أو غير مباشر (72%) من البحوث الأكاديمية في جميع البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي، وقد أسهم التحول من التمويل الضخم للجامعات الحكومية لتغطية تكاليف التدريس والبحوث إلى المنافسة على المنح المخصصة للمشاريع والمقدمة أيضا للاستثمار في المعدات والمختبرات والمكتبات في ظهور جامعة البحوث الحديثة.

وقد أدى ما يطلق عليه (الحلزون الثلاثي المكون من الروابط بين الجامعات والحكومة والصناعة إلى إدخال تغييرات تنظيمية مهمة على الجامعات، فالمكاتب الخاصة قد نمت وساعدت على توليد مصادر دخل جديدة للجامعات، وقد كان من شأن هذه التغيرات تعزيز التفريق بين المؤسسات البحثية فقط أو التدريسية أو كليهما.

وفي الدول النامية تغيرت النظرة تجاه البحث العلمي والتقنيات منذ التسعينات، وحدث التغير الأكثر دلالة في الصين حيث زاد الآن الاتجاه نحو تمويل بحوث الجامعات وذلك مواكبة لما يحدث في الغرب. وهناك عدد من الدول النامية الأخرى تسعى لتحقيق خطط طموحة لزيادة حجم وجودة أنشطتها البحثية، ففي جمهورية كوريا على سبيل المثال روجت خطة (Brain Korea 21) لعام 1998م لمبدأ اختيار وتركيز الجهود البحثية ضمن أفضل الجامعات التقليدية، أما في أمريكا اللاتينية فلا تزال البحوث الجامعية تتركز في عدد قليل من المؤسسات واسعة النطاق، فيما يقدم النظام البرازيلي حوالي (10000) شهادة دكتوراه و (30000) درجة ماجستير في كل عام، أي بنسبة نمو (300%) في عشر سنوات، وتصنف برامج الدراسات العليا من حيث إنتاجيتها للبحوث ويجري تمويلها وفقا لذلك.

 

ويرى الباحث أن المؤسسة التي تدعم البحث العلمي فيها هي أكثر المؤسسات تطوراً وستكون الأكثر ديمومه بل ستكون هي الأفضل في المستقبل، لكن العوائق أمام البحث العلمي وخاصة التمويل وسياسة التمويل للمشروعات البحثية سيؤثر على اغلب مؤسسات التعليم العالي.

كما أن ما ذكره الكتاب من تحول الابحاث في مؤسسات التعليم العالي إلى مشاريع استثمارية بحيث اصبحت المعرفة سلعة تجارية للبيع والشراء، هذا التوجه على الرغم مما فيه من فائدة لتمويل البحث العلمي إلا أنه قد يؤدي إلى حرف البحث العلمي عن مضامينه وأهدافه لصبح سلعه تباع وتشترى بحسب ميول واهواء المستثمرين.

 

الفصل الثاني عشر:

الروابط بين الجامعات والصناعة

لقد طرأ خلال العقود القليلة الماضية تغير كبير في الطريقة التي ينظر فيها واضعو السياسات إلى التعليم العالي. وبخلاف الوضع في الماضي حيث كان التعليم جزءا من السياسة الاجتماعية، فإنه يعد اليوم عنصرا حاسما في السياسة الاقتصادية الوطنية والإقليمية، وشهدت فترة الثمانينات الموجة الأولى من التغيير، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية حيث صدر قانون (بابه دول) Bayh Dole Act لتسهيل دور الجامعات في مجال نقل التقنية المستندة على براءات الاختراع، ووضعت برامج مختلفة لتعزيز العلاقات بين الجامعات والصناعة على المستوى الاتحادي وكذلك على مستوى الدولة.

ويوجد لدى عديد من الدول حاليا مقاييس واضحة حول ارتباط الجامعات بالاقتصاد، فيما قطعت دول أخرى مثل إنجلترا واسكتلندا شوطا طويلا، فأنشأت تيارات التمويل الحكومي بناء على تلك المقاييس، ومن المثير للاهتمام أن معنى (الارتباط المرغوب فيه) لا يزال عرضة للتغيير.

أولا: لقد أصبح مفهوم الارتباط واسعة يتجاوز التركيز المبدئي على ترخيص الملكية الفكرية أو الشركات المبتدئة، وقد خلصت المراجعة التي صدرت مؤخرا عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي إلى أن الجامعات يمكن أن تؤدي مجموعة واسعة من الوظائف التنمية الاقتصادية الإقليمية من خلال التعليم والبحوث، فضلا عن الأنشطة الثقافية (منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي، 2007). ولم يركز السؤال الرئيس المتعلق بالسياسة على القضية المحدودة المتصلة بكيفية جعل الجامعات تعمل بشكل أفضل مع قطاع الصناعة، إذ أصبح أكثر اتساعا ويتعلق بما يمكن أن تؤديه الجامعات في مجال الابتكار والتنمية الاقتصادية، لا سيما على المستوى المحلي.

ثانيا: للجامعات اليوم وظائف متفاوتة على أساس قدراتها والسياقات الصناعية وتختلف الجامعات البحثية عن الجامعات التي تركز على التدريس، وحالية تهتم بعض المناطق والأمم إلى مدخلات كلا النوعين من المؤسسات، وتختلف الجامعات في الدول النامية تماما عن الجامعات في السياقات الصناعية.

 ثالثا: لم يعد متوقعة من الجامعات أن تعمل بشكل منعزل، بل إنها تعتبر جهات متفاعلة تعمل بشكل وثيق ليس مع قطاع الصناعة فحسب وإنما مع المجتمع والحكومة أيضا، كما أنها تشكل جزءا لا يتجزأ من نظم الابتكار الوطنية أو الإقليمية، وعنصرا حاسما في الحلزون الثلاثي الذي تغير فيه الجامعات، والحكومة، والصناعة أدوارها من خلال التفاعل.

 

 ما سبب هذا التحول في النموذج؟ لقد مثل تغيير السياقات العالمية دافعة قوية، إذ جعلت عملية العولمة المتواصلة الدول والمناطق أكثر وعيا بقدراتها التنافسية، وتعتمد الحكومات الوطنية والإقليمية بشكل متزايد على الجامعات لتكون مصدر أمان واستقرار في نظم الابتكار الوطنية والإقليمية، الذي يعد أمرا حيويا لبقائها دولا اقتصادية قائمة على المعرفة، ولقد نجم هذا التغيير في النموذج جزئية عن الفهم الجديد المتمثل بأن الاكتشافات العلمية الجديدة تنطوي على معرفة ضمنية كبيرة، مما يعني عدم أمكانية تدفق جميع المعلومات العلمية بحرية من الجامعات عن طريق المنشورات، فهناك قيمة عالية ترتبط بالاتصال المباشر مع العلماء، وتتطور الابتكارات التقنية من خلال وجود تدفق للمعلومات باتجاهين، وليس فقط من خلال تدفق العلوم من الجامعات إلى الصناعة، بل من خلال تدفق المعرفة والدراية التقنية من الصناعة إلى الجامعات.

  

الفصل الأخير:

التوجهات المستقبلية

لقد هدف التقرير الذي أنبنى عليه هذا الكتاب إلى بيان القضايا المركزية والعوامل المنهجية التي عملت على تشكيل التعليم العالي خلال العقد المنصرم، كما عرض بعضا من التطلعات للمستقبل القريب، ومن المهم التأكيد على أنه بالرغم من أن بعض التوجهات لا تعد جديدة، إلا أنه من الضروري مواجهة الآثار المترتبة بسبب مجموعة من الإجراءات التي لم تدرك عند ظهورها. وسوف تستمر الإحصاءات والبيانات قوة دافعة لعجلتي التنمية والإصلاح خلال العقود القادمة. وبالرغم من تنوع الأنماط وتنوع النطاق الجغرافي، إلا أن الدافع الأساس سيبقى ماثلا، ففي عام 2008م حددت منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي عددا من التوجهات السكانية الرئيسة حتى عام 2030م تضم العناصر الرئيسة بعضاً مما يلي:

·         ستستمر مشاركة الطلاب وأنظمة التعليم العالي بالتوسع، في حين أن عددا قليلا من الدول سوف تواجه تقلصاً في أعداد الطلاب.

·         سوف تشكل النساء أغلبية الطلاب في معظم الدول المتقدمة، وسوف تتوسع مشاركتهن بشكل كبير في كافة أنحاء العالم.

·         سوف يزداد تنوع الخليط الطلابي، وسوف يتضمن أعداد كبيرة من الطلاب الأجانب والأكبر سنا ومن الطلاب الملتحقين بدوام جزئي. سوف تتغير التوجهات والسياسات المتعلقة بمدى إتاحة التعليم، وكذلك مدى الإدراك فيما بين الجامعات الأقل حظ.

·         سوف تتنوع أنشطة وأدوار الوظيفة الأكاديمية وسوف تصبح أكثر تخصصا، كما ستخضع لأشكال متنوعة من العقود.

·          وبالنسبة لعدد من الدول النامية سينتج عن الحاجة إلى وجود أرقام أخذة بالتضخم من أساتذة الجامعات إلى عدم تحسن المؤهلات عموما.

 ويمر العالم اليوم بأزمة اقتصادية شديدة تعاني منها المجتمعات عامة، كما ستؤثر في التعليم العالي بطرق لم يتعرف عليها حتى الآن. وسوف تعاني بعض الدول والجامعات من مشاكل مالية ذات عواقب خطيرة على المدى القريب، وذلك بالرغم من تباين الآثار التي ستشهدها الدول في جميع أنحاء العالم. وتشير التقديرات الحالية إلى أن الدول الأقل تقدم هي الأكثر تأثرا، ومن المحتمل أن تتسبب الأزمة في الآثار التالية:

·         ستشهد ميزانيات الجامعات البحثية قيودا كبيرة حيث لن تتمكن الحكومات من توفير الموارد اللازمة لضمان استمرارية تطورها.

·         سوف تفرض الدول التي تتبنى برامج قروض الطلاب (سواء في القطاع العام أو الخاص) قيودا على مدى إتاحة هذه البرامج للطلاب، بجانب ارتفاع معدلات الفائدة.

·         سوف يواجه النظام ضغوطا لوضع أو رفع الرسوم الدراسية التي يسددها الطلاب.

·         من المحتمل ظهور حالة من الجمود فيما يتعلق بالتعيينات وتشييد المرافق الجديدة وتحسين تقنية المعلومات، وشراء الكتب والدوريات العلمية.

ولا يمكن التنبؤ إلى أي مدى ستتطور هذه الأزمة أو متى ستنتهي، ومع ذلك يشكك معظم الخبراء في إمكانية علاجها سريعة، ولهذا فإن من المحتمل أن يدخل التعليم العالي فترة يسودها انخفاض كبير في حجم الإنتاج. ولا يوجد شك أن التعليم العالي يدخل حاليا في أزمة لم يسبق أن عانى منها منذ الحرب العالمية الثانية، ولا يزال الأثر غير واضح بعد. وفي الوقت ذاته شملت بعض الجهود المحفزة للاقتصاد في بعض الدول تخصيص الأموال لإجراء البحوث واعادة تدريب العمال وغيرها من المشاريع التي يمكن لها أن تسهم في تطوير التعليم العالي.

خاتمة:

 ومن خلال قراءة الكتاب الذي يقع في (366) صفحة يمكن القول:

 أن التقدم المستمر في العولمة سيجبر مؤسسات التعليم العالي بكافة أنواعها على تزايد فئات الطلاب المتنوعة بشكل متزايد بالمهارات والمعرفة التي ستدعم دمجهم في الاقتصاد الذي أصبح بلا حدود أكثر فأكثر.

أن التحدي الكبير أمام التعليم العالي العالمي يكمن في التوزيع غير المتساوي لرأس المال البشري والأموال التي ستمكن بعض الدول من الاستفادة بشكل كامل من الفرص الجديدة.

يتطلب على واضعي السياسات والمديرين والأساتذة إعادة النظر في هيكل برامج الدرجات الأكاديمية التقليدية بالإضافة إلى أصول التدريس المتبعة في السابق، وتعد أساليب التدريس التقليدية غير ملائمة لمواكبة تحديات القرن الحادي والعشرين.

 ولقد أرفق الكتاب مجموعة من الملاحق الخاصة بالجداول والاحصائيات التي اعتمد عليها في كتابة الكتاب.

وتضمنت إجمالي نسبة القيد (GER). لدول العالم:

وتضمنت الاحصائيات للمرحلة الأساسية والثانوية والجامعية، للأعوام 2000 و 2007م .

وملحق أخر عن الالتحاق بالتعليم الجامعي:

اجرى فيه مقارنة بين الطلاب الملتحقين لدول العالم ونسب التحاقهم للعامين 2000-2007م.

ثم أفرد ملحق أخر عن الطالبات (الإناث) في التعليم العالي، قارن فيه في دول العالم للسنتين 2000-2007م.

وذلك حسب التصنيف الدولي المعياري للتعليم.

 وأفرد ملحق أخر عن معدل سنوات الدراسة المتوقعة حسب الدول للسنتين 2000-2007م.

 كما أفرد ملحق أخر بالطلاب المتنقلون دولياً حسب الدولة المستضيفة للسنتين 2000-2007م.

وملحق عن معدل الإنفاق الحكومي على التعليم الجامعي نسبة مئوية من إجمالي الإنفاق على التعليم. مقارنة ايضا للسنتين 2000-2007م.

 ووضع ملحق يبين أعضاء الهيأة التدريسية الجامعية المتفرغون وغير المتفرغين خلال السنتين 2000-2007م.

 وملحق أخر الإنفاق على البحث والتطوير مقارنة بين السنتين 2000-2007م.

 ثم ختم الملاحق بنبذة عن المؤلفين ونبذة عن المساهمين.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق