استخدام استراتيجية الوسائط المتعددة في التدريس الرقمي
أصبحت اليوم البرامج والتطبيقات التي تعتمد في عرضها للمعرفة والخبرات
المتنوعة، دمج وتكامل اثنين أو أكثر من الوسائط الحسية في بيئة تعليمية تعتمد
الكمبيوتر، هي أحد الاتجاهات الحديثة في تحقيق نتائج تعلمية متعددة, وغالباً ما
تشتمل هذه الوسائط على نص مكتوب Text أو صوت sound
أو صور ثابتة Still image
أو رسوم توضيحية أو حركية وخرائط .. إلخ.
وقد أكد عدد من المربين على أهمية استخدام الوسائط المتعددة في التدريس,
حيث يمكن من خلالها تسهيل عمليتي التعليم والتعلم وبناء قاعدة بيانات معلوماتية Computer Data Base تمكن المتعلم من التفاعل
والتجول Navigation
بحرية داخل البرنامج التعليمي والوصول إلى المعرفة في أشكال وصيغ متعددة, ويرجع
البعض سبب ذلك إلى عملية الاستخدام والتوظيف الصحيح للروابط Links والعقد Nodes الخاصة بالمعلومات المتداخلة
عند المتعلم. الأمر الذي يساعد المتعلم أيضا على اكتساب عدد من المهارات العملية
عند توظيف هذه المعارف في مواقف تعلمية جديدة (بسيوني, غانم, 2000, ص22).
لا شك أن التدريس باستخدام الوسائط المتعددة , يتيح الفرصة للمتعلم لمواجهة
قضايا وظواهر ومواقف تعليمية غير مألوفة , الأمر الذي تطلب تفسيراً من المتعلم في
ضوء خبراته السابقة وخلق ما يسمى بالتعلم النشط Active Learning والذي بدوره
يمكن المتعلم من اكتساب المعلومات التي تقدم عبر شاشات الكمبيوتر في شكل نصوص,
وأصوات, ورسوم, وصور بأنواعها, ولقطات فيديو, وبالتالي قد يؤثر التدريس بالوسائط
المتعددة في التحصيل والفهم لدى المتعلم، بل واكتساب المهارات العملية التي تمكنه
من الاستمرارية في عملية التعلم.
أشار "قنديل" إلى دور التدريس بالوسائط المتعددة في التحصيل
الدراسي للمتعلم, باعتبار أن التدريس في هذه الحالة يساعد على تكوين ثلاث روابط
هي: رابطة الترميز اللفظي Verbal Encoding ورابطة الترميز البصري Visual
Encoding ثم الروابط المرجعية، الأمر
الذي يكون خريطة للعلاقات التركيبية لنظام المعلومات بين الترميزات المختلفة،
وبالتالي يساعد على اكتساب الطلاب المعلومات وتوظيفها في حل المشكلات (قنديل, 2001م,
ص23) .
ويمكن النظر إلى تكنولوجيا الوسائط المتعددة من ثلاث زوايا أساسية هي:
1.
الوسائط الناقلة: الموجهة نحو عرض وتقديم المساحة التعليمية باستخدام اثنين
أو أكثر من وسائل نقل المعرفة، والتركيز هنا على الأدوات المستخدمة في نقل
المعلومات.
2.
نماذج العرض: وينظر البعض هنا على أن "تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي
طريقة لعرض المادة التعليمية التي تتطلب تكامل ودمج اثنين أو أكثر من الوسائط التي
يتم التحكم فيها عن طريق الكمبيوتر لحدوث مرونة في استدعاء المعلومات، وهكذا
تستثمر الوسائط التعليمية بطريقة منظمة في الموقف التعليمي وفي إطار نص معلوماتي
يساعد على اكتساب الخبرات عن طريق جهاز الكمبيوتر.
3.
الوسائط الحسية: أن تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي تكنولوجيا حديثة تستند
إلى طبيعة المتعلم كإنسان متعدد الحواس وتبرز قدرتها نقل وعرض المعلومات في أشكال
وصيغ متنوعة, الأمر الذي يسهل من عمليتي التعليم والتعلم، وفي هذا الصدد أشار
"عبد المنعم " إلى أن تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي ترميز المحتوى
التعليمي ترميزاً عقليًّا عن طريق اللفظ أو البصر مما يسهل عملية التعلم لدي
المتعلم (عبد المنعم, 1998, ص175).
الوسائط المتعددة التي تحقق النتائج التعليمية:
عند تصميم البرامج التعليمية بالوسائط المتعددة يجب التركيز على الوسائط
التي تحقق النتائج التعليمية المحددة, وهي:
1- الوسيط الصوتي:
الصوت كما يرى (رونتري, 1984, ص181) أنه سهل في تسجيله وتضخيمه وتقليل
سرعته متى شئنا, والأصوات المقصودة في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة. قد تكون
أصواتا طبيعية من مخلوقات الله أو صناعية أو تركيبية كالموسيقا، كما في الأصوات
التعليمية التي تتضمن أصواتًا متعددة لتوضيح مفهوم معين .
هذا وقد أشار "عزمي" إلى
أن الصوت من أهم العناصر الحسية في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة، ويمكن أن
يوجد عدد من الصيغ الصوتية مثل الكلمات المنطوقة, والموسيقا والمؤشرات الصوتية
المصاحبة, وكل ذلك يساعد المتعلم على فهم المحتوى التعليمي البصري من خلال الصوت,
وزيادة إدراكه بالواقعية واستثارة انتباهه للتدعيم والتعزيز واكتسابه لأسس نظرية
مرتبطة بمهارات عملية متنوعة.
2- الوسيط النصي:
رغم أهمية الصوت لتوجيه المتعلم نحو التعلم الصحيح إلا أن المتعلم يحتاج
دائما إلى التواصل اللفظي المكتوب، وهنا تبرز أهمية استخدام النصوص في برامج
تكنولوجيا الوسائل المتعددة سواء أكانت عناوين أم خطوط رئيسة, أم قوائم أم تعليمات
لشرح محتوى تعليمي محدد .
وهناك عدد من الأشكال التي يمكن أن يعرض بها النص في مثل هذه البرامج مثل:
الكلمات أو العبارات أو الجمل أو الفقرات للتعريف بالبرنامج وأهدافه وأهم موضوعاته
والتوصيات المختلفة للمتعلم .كذلك مجموعة الأوامر التي تظهر على شاشة الكمبيوتر
وأزرار التفاعل كالأزرار النصية مثل المساعدة أو الغلق أو الخروج .
3- وسائط الرسوم والصور الثابتة:
وهي وسائط مرتبة ذات بعدين (طول وعرض ) لتمثيل الواقع دون حركة ومن أهم
أشكالها في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة الصور المطبوعة , والصور
الفوتوغرافية والشخصية, والصور الزيتية , والرسوم الثابتة مثل: الكاريكاتير ,
والرسوم المسلسلة والتخطيطية والخرائط , والرسوم البيانية جميعها تعد تمثيلاً
حرًّا بالخطوط لفكرة أو للتعبير عن المعنى. وتبدأ أهمية هذه الوسائل في تلك
البرامج في قدرتها على التسجيل والتعبير الدقيق للشيء وإتاحة الفرصة لاكتساب معارف
ومهارات عملية وتقريب المعاني للمتكلم.
4- وسائط الرسوم المتحركة:
وهي وسائط في التأثيرات البصرية لبرامج التكنولوجيا مثل: المسح والظهور
والاختفاء التدريجي Fade in-out))
والتقريب والابتعاد (zoom in-out) والإذابة Dissolve وهي بمثابة سلسلة من الصور والرسوم الثابتة والمعدة مسبقاً لعرضها
على شاشة الكمبيوتر في تتالٍ وتتابع وسرعة منتظمة ينتج عنها إيحاء بالحركة (أبو
الحسن, 1998, ص25) .
وتساعد الرسوم المتحركة في توضيح الحركات غير المرئية , والعلاقات
والعمليات المجردة في المفاهيم العلمية وتوفير الخبرات البديلة للخبرات الواقعية,
كما تعرض الحركة كاملة , كما يحدث في الواقع فعلاً الأمر الذي يجعلها تسهم في
اكتساب المعرقة وتنمية المهارات العملية وتعلمها لدى الطلاب (النجدي، راشد، وعبد
الهادي, 1999, ص35).
التدريس باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة:
اتفق العديد من التربويين على أن التدريس باستخدام الوسائط المتعددة يخلق
التفاعل النشط الإيجابي والمتبادل بين المتعلم والبرنامج التعليمي من خلال
الممارسة والتدريب والمحاكاة وحل المشكلات وحرية التعامل مع المحتوى التعليمي، فما توفره الوسائط المتعددة من بيئة تعليمية فعالة
تسمح للمتعلم بالاستعراض والبحث، والتعلم , فهي توفر له بيئة ثنائية الاتجاه على
الأقل (عبد المنعم , 1998م , 161)، على الجانب الآخر يدعم التدريس باستخدام
تكنولوجيا الوسائط المتعددة، مفهوم البنائية باعتبار أن التعلم يحدث عندما يكون
المتعلم أكثر نشاطاً وقدرة على بناء هيكله المعرفي بنفسه , وبالتالي يتم بناء
المعني لديه ى من خلال المشاهدة الهادفة والتفاعل مع العروض واللقطات والنصوص
والأصوات والتصفح والبحث عن المعرفة بحرية داخل البرنامج.
هكذا يحقق التدريس بالوسائط المتعددة المبادئ التي تقوم عليها البنائية مثل
الانتقال من التدريس إلى البناء أو من التدعيم إلى الميل أو من الطاعة إلى
الاستقلالية ومن الإلزامية إلى التعاونية.
خطوات استخدام الوسائط المتعددة في التدريس:
·
وضع المخطط العام للبرنامج
وتشمل كتابة النصوص ، وإعداد الصور الفوتوغرافية ، والرسوم، والرسوم المتحركة ،
وتسجيل المواد الصوتية ، ولقطات الفيديو ، وغير ذلك من المواد التي تستخدم في بناء
البرنامج .
·
تحويل هذه المواد من حالاتها
الطبيعية إلى الصيغة الوحيدة التي يفهمها الحاسوب ، ألا وهي الصيغة الرقمية ، حيث
تحول النصوص إلى ملفات في هيئة ASCII باستخدام معالج كلمات، وتحول الرسوم والصور الفوتوغرافية
إلى ملفات رقمية باستخدام الماسحات scanner وكذلك الأمر فيما يتعلق بالرسوم المتحركة ، ما لم تكن قد
أعدت في الأساس باستخدام الحاسوب .
·
بعد الانتهاء من تحويل سائر
المواد المعلوماتية إلى الصيغة الرقمية ، يأتي دور تأليف البرنامج الذي سيضم كل
هذه المعلومات على اختلاف الوسائط الحاملة لها .
·
يبدأ تأليف البرنامج بعملية
استيراد الملفات كملفات النصوص والصور والصوت والرسوم المتحركة إلى بيئة برنامج
التأليف وربط هذه العناصر مع بعضها بتحديد البقع الساخنة وفقا للسيناريو الخاص
بالبرنامج ، وإضافة عناصر التحكم لتأمين التفاعل بين المستخدم والبرنامج .
سلبيات استخدام الوسائط المتعددة في التعليم:
1.
إن الحاسوب وما يرتبط به من وسائل ووسائط لا يجيب عن جميع الأسئلة التي
يسألها المتعلم.
2.
يعتبر المدرس الناجح قدوة للمتعلمين، فهم يستشفون بعض صفاته الحميدة التي
يحبونها ويقتدون به فيها.
3.
لا يمكن الاستغناء عن الدور الإرشادي التوجيهي للمدرس عند استخدام الحاسوب.
4.
يستطيع المدرس أن يساعد المتعلم في أي وقت خلاف الحاسوب.
5. لا يوجد عنصر للمناقشة أو الحوار بين
المتعلم والحاسوب، بعكس المدرس الذي يشجع ويحاور المتعلمين في موضوعات متعددة.
6. عدم إلمام المدرس بالمادة العلمية الإلمام
الكافي، ونقلها حرفيا كما هي، وصعوبة المواكبة لكل جديد نظرا للتطور السريع الذي
يطبع هذه.
7. يسبب الحاسوب أحيانا عدم الثقة بالنفس
للمدرس لخوفه من الفشل وعدم النجاح مما يؤدي إلى سقوطه في نوع من الممانعة السلبية
.
8.
يحتاج المدرس إلى وقت فراغ لدمج هذه الوسائط في المجال التربوي.
المراجع:
·
أبو الحسن، منال (1998): الرسوم المتحركة في التلفزيون وعلاقتها بالجوانب
المعرفية للطفل, القاهرة: دار النشر للجامعات.
·
بسيوني، عبد الحميد, غانم، حسن (2000): بناء الوسائط المتعددة, القاهرة:
مكتبة ابن سينا.
·
رونتري, د .(1984): تكنولوجيا
التربية في تطوير المنهج , ترجمة فتح الباب عبد الحليم سيد, المنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم , تونس: المركز العربي للتقنيات التربوية.
·
عبد المنعم، علي(1998):المدخل إلى تكنولوجيا التعليم، الإسكندرية، :دار
البشري.
·
قنديل، أحمد (2001):" تأثير
التدريس بالوسائط المتعددة في تحصيل العلوم والقدرات الابتكارية والوعي بتكنولوجيا
المعلومات لدى تلاميذ الصف الثالث الإعدادي ", دراسات في المناهج وطرق التدريس,
الجمعية المصرية للمناهج, ع72, ص ص 15-59.
·
النجدي, أحمد، و راشد, علي، و عبد الهادي، منى (1999): تدريس العلوم في
العالم المعاصر, المدخل في تدريس العلوم, القاهرة: دار الفكر العربي .
·
http://arse-ta4.blogspot.com/2012/05/blog-post_307.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق