الأربعاء، 6 يناير 2021

التحول من العشوائية إلى التخطيط الاستراتيجي المدرسي في مدرسة الجودة


بقلم أ/ خالد مطهر العدواني


تتعاظم الحاجة إلى مواكبة التطور المتسارع في العالم يوماً بعد يوم بل لحظة بعد لحظة، حيث أن الهوة ما زالت تتسع بين الأمم التي تصدرت ركب التطور والتي لا زالت تجّدُ في المسير لتحظى بموقع متقدم. ولعل التخطيط هو من أهم العوامل التي تضمن تحقق الأهداف المرجوة بأحسن مستوى وبأقل مجهود. وأن التربية والتعليم هي عصب عملية التطور والتقدم لذا كان محتماً على القائمين عليها تبني أفضل سُبل التخطيط تحقيقاً للغايات المنشودة. 


ويمثل التخطيط الاستراتيجي الأهمية الكبرى في قائمة اهتمام الدول المتقدمة وذلك لما له من تأثير مباشر على مستقبلها وتقدمها وتنميتها، فقد أولت الحكومات أهمية خاصة للتخطيط الإستراتيجي باعتباره أداة تحدد المسار لأي مؤسسة ويعين على مواجهة المتغيرات في عالم اليوم.


والتخطيط الإستراتيجي هو تخطيط بعيد المدى يأخذ في الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية فهو عملية متجددة تتصور بها الإدارة مستقبلها فتضع الإجراءات والعمليات الضرورية لبلوغ الأهداف المنشودة بمشيئة الله تعالى. و هو يوفر الرؤية المستقبلية لحالة المؤسسة والاتجاه الذي يجب أن تتحد فيه الجهود نحو تحقيق تلك الأهداف.


توطئة:

" التخطيط الاستراتيجي: قرارات ذات أثر مستقبلي، وعملية مستمرة ومتغيرة ، ذات فلسفة إدارية، ونظام متكامل...".  فقد ظهر في مجال الصناعة والتجارة نظراً لحدوث متغيرات متسارعة في الأسواق لم يعد معها التخطيط التقليدي مجدياً أو مساهماً في تحقيق أهداف المنظمة.


وقد تأثر الميدان التربوي بسرعة المتغيرات في مجال المعرفة وتقنيات الاتصال وتبادل المعلومات الأمر الذي جعل من تبني التخطيط الاستراتيجي وخطواته حاجة ملحة لإحداث النقلة النوعية في العمل التربوي والتي نسعى إليها من أجل مواكبة ما يحدث في مجتمع المعرفة.


تنويه:

تجدر الإشارة إلى أنه من الصعب تبني خطوات التخطيط الاستراتيجي في العمل التربوي بحذافيرها نظراً لأن هذا الأسلوب إنما صُمم ليتواءم مع بنية الأعمال التجارية والصناعية، فمصطلحات مثل الموازنة والحصة من السوق وتحليل المنافسين ليس لها موقع في الميدان التربوي؛ لذا يُقتصر في التخطيط الاستراتيجي التربوي على الجوانب التي تناسب البيئة التعليمية وتخدم أهدافها.


مفهوم التخطيط الإستراتيجي المدرسي:


مفهوم الإستراتيجية: 

كلمة الإستراتيجية كلمة قديمة أخذت من اليونانية (استراتيجوس) وتعني إما فن القيادة أو فن مواجهة العدو.

والاستراتيجية في التعليم يقصد بها السياسة التي تتبعها المدرسة أو القسم للاستخدام الأمثل للموارد لتمكينها من تحقيق: مكان متميز لأنشطة العمل، ورضا وتوقعات العاملين، ورضا وتوقعات المستفيدين.


مفهوم التخطيط: 

يعرف بأنه (اتخاذ قرار حاضر حول ماذا نفعل؟ كيف نعمل؟ متى نعمل؟ ومن يعمل؟ هو إذا جسر يربط بين حاضر ومستقبل أو بين نقطة وأخرى). 


كما يمكننا أن نقرر أن  التخطيط هو (النشاط الذي ينقلك مما أنت عليه الآن إلى ما تطمح الوصول إليه), إنه يتألف من تحليل وضعك الحالي و تحديد أهدافك وتصميم أعمالك.


ويعرف أيضا بأنه: (التفكير بالعمليات والنشاطات التي تهدف إلى ترجمة الأهداف إلى نتاجات محددة في إطار إدارة فعالة لهذه الإجراءات).



مفهوم التخطيط الاستراتيجي على المستوى المدرسي:

إذن التخطيط الاستراتيجي هو العملية التي يمكن للمدرسة بواسطتها أن تضع تصوراً لمستقبلها فتضع الإجراءات والعمليات الضرورية لتحقيق ذلك التصور ووضعه موضع التنفيذ وهي عملية مستمرة ومتغيره وذات نظام متكامل تشارك فيه عدة أطراف لتحليل بيئة المدرسة وتقييم قدراتها الذاتية وصياغة رؤيتها ورسالتها وأهدافها العامة والتفصيلية ووضع البرامج والاستراتيجيات التي تساعد على تحقيق الإستراتيجية وأهدافها.


ومن المفهوم السابق يتبين الآتي:

المدرسة كمؤسسة تعليمية تربوية من المهم أن يكون لها خطة إستراتيجية تحقق فيها رؤيتها ورؤية العاملين فيها والمستفيدين منها.

التغيرات المتسارعة في العالم وبيئة التعلم يحتم العمل من خلال فكر و تخطيط استراتيجي يحقق للمدرسة المكانة الهامة التي من أجلها أنشئت ومن أجلها تبناها المجتمع.

يمكن أن تضع المدرسة خطة إستراتيجية تكون متوافقة مع رؤيا الإدارة العليا واستراتيجيتها وتكون خاضعة لظروف المدرسة وتحليل بيئاتها الداخلية والخارجية.


توضيح:

التخطيط هو جزء متمم للعمل وليس أمراً إضافياً اختيارياً ليستعمل في مناسبات خاصة, كما أن فكرة التخطيط لا يجب أن تكون مثبطة للهمة بحيث لا تبدأ أبداً.


الحقيقة انه بدون خطة سينتهي بكل الأمر عادة إلى أن تصبح الإدارة منشغلة بدوامة العمل، هذا يعني إما أن الأمور تحدث من تلقاء نفسها أو أن الفرص تفوت، في كلا الحالتين لا يمكن السيطرة على الوضع الذي سيستمر كما هو عليه أو سيزداد سوءاً.


يساعد التخطيط على تصحيح المسار، فقد يحصل أحيانا أنك تجد الإدارة أو المدرسة قد اتجهت اتجاهاً منحرفاً عن الهدف الأساسي لها، فبالتخطيط نكتشف ذلك ونستطيع تصحيح المسار





ما الفرق بين الإدارة الاستراتيجية والإدارة التشغيلية:


الإدارة الاستراتيجية

الإدارة التشغيلية


تستشرف المستقبل.

خطة طويلة المدى.

تحتاج إلى إعمال الفكر في القضايا.

تقتحم مجالات جديدة.

تفكر بالجديد والإبداع.

تتسم بالفاعلية (عينها على تحقيق الهدف).

تواجه التحديات (تتمتع بالجسارة).

التركيز على اختصار الإجراءات.

تركز على الحاضر.

خطة قصيرة المدى.

تبحث في طرق التنفيذ المباشر للأمور.

تنشغل في وضع حلول لمشاكل قائمة.

تفكر بتطوير العمل القديم.

تدور في فلك اللوائح (عينها على الوسيلة).

تتجنب الوقوع في الأخطاء (تؤثر السلامة).

التركيز على تسلسل الإجراءات.



ممارسات الإدارة الاستراتيجية والإدارة التشغيلية على أرض الواقع:


الإدارة الاستراتيجية

الإدارة التشغيلية


بناء علاقات جديدة ومتينة (داخل المدرسة أو خارجها).

متابعة دقيقة لمؤشرات الأداء.

متابعة الأفكار الجديدة سواء في المدرسة أو من المدارس الأخرى أو أي مصدر.

تشجيع المعلمين وتحفيزهم.

متابعة الطلبة الفائقين والمتعثرين.

التفكير والبحث عن إجراءات ونظم جديدة فاعلة ودقيقة تضبط الأداء وتبسط الإجراءات.

متابعة خطة اكتشاف الموهوبين.

ترميم وصيانة المدرسة.

فواتير المقصف.

حل مشاكل طلابية.

الانشغال بالحفلات المدرسية.

الانشغال بالبهرجة والبروز الإعلامي.

قضاء وقت طويل في مناقشات غير فاعلة.

اتصالات ومراسلات من الممكن تفويضها.

الدخول في تفاصيل كل جزئية بالعمل.



عوائق التخطيط الاستراتيجي المدرسي:  

عدم التأكد من الظروف المالية أو مصادر التمويل.

عدم وضوح المسؤوليات في مختلف أقسام المدرسة.

انشغال الإدارة المدرسية بالمشكلات الروتينية اليومية وإهمال المشكلات الاستراتيجية التي تتعلق بتطور المدرسة على المدى الطويل.

تميل الإدارة إلى أن تقبل نظام التفكير أو التخطيط الاستراتيجي في أوقات الأزمات ولكن عندما تنتهي الأزمة يتم الرجوع إلى النظام التقليدي.

الاعتقاد أو الافتراض أن التخطيط الاستراتيجي هو مسؤولية جهة متخصصة في التخطيط وليس مسؤولية كافة المستويات الإدارية.

نظام الحوافز يركز على النتائج قصيرة الأجل دون ارتباطه بالغايات الاستراتيجية المرسومة للأجل الطويل. 

عدم توفر نظام معلومات متكامل وديناميكي.

عدم تشجيع التفكير الابتكاري إجمالاً بسبب سيطرة النمط البيروقراطي في الإدارة والتخطيط. 




تنويه:

التخطيط الاستراتيجي ليس ترفاً إدارياً في المجال التربوي إنما هو في حقيقة الأمر ضرورة من الضرورات المهمة جداً لقادة المدارس حتى يستطيعوا أن يخططوا بشكل دقيق وواضح وبشكل متوافق مع متطلبات العصر واحتياجات الدولة لضمان تخريج جيل فاعل.


مراحل التخطيط الإستراتيجي للمدرسة:


المرحلة الأولى: الإعداد للتخطيط (التخطيط للتخطيط).

تحديد فريق التخطيط وتحديد المسؤوليات وتوزيع الصلاحيات على الأعضاء.

تحديد المدة الزمنية اللازمة لإنجاز مشروع الخطة.

البدء بتجميع البيانات المطلوبة وترتيبها وتصنيفها.

ضمان مشاركة الإدارة العليا والتزامها بعملية التخطيط. 


المرحلة الثانية: تحديد الرؤية وتشخيص الواقع:

تحديد رؤية ورسالة المدرسة، واستعراض القيم الحاكمة.

دراسة ظروف العمل المحيطة بالمدرسة (البيئة الداخلية والخارجية).

التحليل الإستراتيجي .SWOT تقييم أداء المدرسة من خلال دراسة وتحليل وتقييم الأداء الحالي ونقاط الضعف والقـوة وفرص التحسـين والتطـوير والمخاطر المتوقعـة  لكل مجال من مجالات العمل الرئيسة. 


المرحلة الثالثة: تحديد نموذج العمل الاستراتيجي: 

تحديد مجالات العمل داخل المدرسة.

تحديد الأهداف الاستراتيجية للمدرسة.

وضع مؤشرات الأداء المطلوب تحقيقها.


المرحلة الرابعة: كتابة الخطط الإجرائية (التنفيذية):

تحديد الأهداف التفصيلية.

تحديد الوسائل والزمن والتكاليف.

تحديد المسؤولين عن التنفيذ والمتابعة.


المرحلة الخامسة: تنفيذ الخطة وتقويمها:

تنفيذ الخطة.

التقويم المستمر للخطة.

التحسين والتطوير المستمر للخطة.


تذكر:

التخطيط الاستراتيجي يزود القائمين على إدارة المدرسة والعاملين فيها بإطار واضح للعمل وآليات ووسائل وإجراءات وأنشطة ووجه مستقرة في عقول إدارة المدرسة والعاملين بها.


ولذلك ستكون هناك قدرة على تحرير وتفجير طاقات العاملين في ظل رؤية واضحة المعالم، واعتقاد مشترك بإمكانية تحقيق هذه الرؤية.


مراجع تم الرجوع إليها:

خالد مطهر العدواني (2013). الجودة الشاملة في التعليم، بحث مقدم لإدارة الجودة والاعتماد، وزارة التربية والتعليم، الجمهورية اليمنية.

خالد مطهر العدواني، وآخرون. الجودة في التعليم العام، ملتقى الجودة، خلال الفترة 22-26 يناير 2017م.

خالد مطهر العدواني. وآخرون. الدليل التثقيفي في الجودة والاعتماد والتطوير المدرسي، إدارة الجودة والاعتماد بمكتب التربية والتعليم بمحافظة المحويت، الجمهورية اليمنية، 2014.

عبد الرزاق الأشول، وعبد الله علي إسماعيل، مشروع الإطار المرجعي للتطوير المدرسي، المراجعة السنوية المشتركة الثامنة لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لتطوير التعليم العام (الملتقى التربوي)، 27-28 مايو 2013م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق