الأحد، 2 أغسطس 2020

التحول من الإدارة التقليدية للمدرسة ... إلى إدارة الجودة الشاملة


بقلم أ/ خالد مطهر العدواني

مفهوم إدارة الجودة الشاملة في التعليم:

يعد مفهوم إدارة الجودة فلسفة إدارة عصرية، ترتكز على عدد من المفاهيم الإدارية الحديثة الموجهة، التي يستند إليها في المزج بين الوسائل الإدارية الأساسية والجهود الابتكارية، وبين المهارات الفنية المتخصصة من أجل الارتقاء بمستوى الأداء والتحسين والتطوير المستمرين. 

وتعرف إدارة الجودة في إطار المدرسة على أنها: فلسفة إدارية حديثة، تأخذ شكل نهج أو نظام إداري شامل قائم على أساس إحداث تغييرات إيجابية جذرية لكل شيء داخل المدرسة، بحيث تشمل هذه التغييرات الفكر، السلوك، القيم، المعتقدات التنظيمية، المفاهيم الإدارية، نمط القيادة الإدارية، نظم وإجراءات العمل المختلفة، وذلك من أجل تحسين وتطوير كل مكونات المدرسة للوصول إلى أعلى جودة في مخرجاتها. 

وفي  تعريف آخر: هي جملة الجهود المبذولة من قبل العاملين في مجال التعليم؛ لرفع وتحسين المنتج التعليمي بما يتناسب مع رغبات المستفيدين ومع قدراتهم وسماتهم المختلفة.

كما يمكن تعريفها بصفة عامة, بأنها "مدخل جديد في أداء العمل يتطلب تجديد الأساليب الإدارية التقليدية والعمل الجماعي ومشاركة جميع أفراد المدرسة", وهو أسلوب منهج العملية, ونعني به أي نشاط يتطلب مدخلات ويحولها إلى مخرجات, والتي عادة ما تكون بالتالي مدخلات لعملية لاحقة.

وانطلاقاً من هذه التعريفات نجد أن هناك تباين واضح بين الأسلوب الإداري التقليدي, والأسلوب الإداري بمفهوم الجودة الشاملة الذي يركز على النقاط التالية:

  • تعتمد أسلوب العمل الجماعي التعاوني الذي يقوم على خبرات العنصر البشري.
  • تحرص على استمرار التحسين المستمر في كافة المجالات، كالأهداف لتعليمية، وأساليب العمل والتحفيز والنظم والإجراءات.
  • تعمل على تقليل الأخطاء إلى أدنى حد، وفق مبدأ "أداء العمل الصحيح من أول مرة وبدون أخطاء".
  • إضافة إلى هذه المضامين فإن إدارة الجودة الشاملة، هي منهجية علم إستراتيجي، تتصف بالديمومة والاستمرار، وهي رحلة طويلة وليست محطة وصول تنقضي بانتهاء مدة زمنية لبرنامج بعينه.


تنويه:
ليس بالضرورة ربط مباني المدارس النموذجية بالجودة، فالتعليم الأكثر كلفة لا يعني تعليم أكثر جودة. فأي تجهيزات أو مواد أو مباني تتوفر في المدرسة و لا يتم اسـتخدامها بكفاءة فهي "هدر"، فالمبنى النموذجي للمدرسة وتجهيزاته جميعها ميزات وليس بالضرورة أن تحقق الجودة. وتتحول "الميزات" في المدرسة إلى "جودة " عندما تلبي هذه الميزات احتياجات وتطلعات المستفيدين. 

الفرق بين إدارة المدرسة بالأسلوب التقليدي وإدارتها في ضوء فلسفة إدارة الجودة:




ويمكن مقارنة الإدارة التقليدية بإدارة الجودة الشاملة في عدد من المجالات على النحو الآتي:



تنويه:
أن أزمة المدرسة التقليدية لا تتمثل في عدم قدرتها على حل المشكلات بل لأنها لا ترى هذه المشكلات أساساً، فقلة اهتمامها بالمستفيدين وتمركزها حول ذاتها يصيبها بالعمى الوظيفي الذي يحجب عنها رؤية منافع التحول نحو الجودة .               

العناصر التي تقوم عليها  إدارة الجودة الشاملة في المدرسة:

تقوم إدارة الجودة الشاملة على ستة أركان (عناصر) رئيسية، هي:

  • القيادة: قيادة إدارية فاعلة قادرة على توجيه هذا النهج الإداري، وتسيير المدخلات التربوية المدرسية للوصول على مخرجات محددة.
  • الهدف: إرضاء العميل(الطالب، ولي الأمر، رجال الأعمال، المجتمع،.. الخ).
  • الإستراتيجية: تحقيق التميز والتفوق على الآخرين.
  • العمليات والأنشطة: العمل الصحيح من دون أخطاء من المرة الأولى، و التحسين المستمر للعمليات بيئة تنظيمية ودية ومتعاونة.
  • النتيجة: الحصول على أفضل جودة، بأقل كلفة وأقصر وقت.
  • التغذية الراجعة: متابعة مستوى رضا العميل وتقييمه من أجل تعديل العمليات وتحسينها باستمرار.

تنويه:
من أهم متطلبات نجاح التحول نحو الجودة أن تقوم المدرسة بنشر فلسفة الجودة وتطبيقاتها ضمن الأنشطة المدرسية الاعتيادية وبشكل تدريجي لأن الجودة ليست برنامج أو قطعة أثاث ندخلها إلى المدرسة بل هي ثقافة تعلم وحياة تنشأ من داخل المدرسة .


إن تحول المدرسة نحو إدارة الجودة الشاملة ضرورة إستراتيجية تفرضها تحديات عصر المعلومات المتسم بالتغير السريع الذي يتطلب من المدرسة تحسين كفاءة وفاعلية عملياتها الإدارية والتعليمية، من أجل أن تكون أكثر قدرة للاستجابة مع هذه المتغيرات وردم الفجوة الأدائية والمعرفية لتحقيق احتياجات وتطلعات المستفيدين من خدمتها ونظامها التعليـمي.

وبلا شك أن تحول المدرسة التقليدية نحو الجودة سيواجه معوقات كثيرة، وهذا أمر طبيعي يواجه أي تحول نوعي وبالخصوص في مجال إصلاح التعليم المدرسي. لكن إذا أردنا لهذا التحول النجاح فعلينا أن نضع هذه المعوقات كجزء من إستراتيجية التحول من خلال تصميم العمليات والأنشطة التي تضمن جودة التحول حتى نوفر الوقت والجهد والمال ونحقق الجودة في مدارسنا بأقل تكلفة وفي الوقت المناسب.  

المراجع التي تم الرجوع إليها:
إبراهيم أحمد. معايير الإدارة التعليمية والمدرسية "ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر جودة التعليم في المدرسة المصرية التحديات- المعايير – الفرص، كلية التربية، جامعة طنطا، الفترة 28-29، أبريل2002. 
إبراهيم عباس الزهيري. الإدارة المدرسية منظومة الجودة الشاملة، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 2008. 
خالد بن سعد الجضعني. إدارة الجودة الشاملة: تطبيقات تربوية, ط1, الرياض، دار الأصحاب للنشر والتوزيع، 2005.
خالد بن سعد عبد الله الجضعي. نظرية ديمينج في إدارة الجودة الشاملة وتطبيقاتها التربوية: نموذج مقترح، رسالة ماجستير ، قسم إدارة وتخطيط، 1424هـ.
خالد مطهر العدواني، وآخرون. الجودة في التعليم العام، ملتقى الجودة، خلال الفترة 22-26 يناير 2017م.
خالد مطهر العدواني. الجودة الشاملة في التعليم، بحث مقدم لإدارة الجودة والاعتماد، وزارة التربية والتعليم، الجمهورية اليمنية، 2013.
خالد مطهر العدواني. وآخرون. الدليل التثقيفي في الجودة والاعتماد والتطوير المدرسي، إدارة الجودة والاعتماد بمكتب التربية والتعليم بمحافظة المحويت، الجمهورية اليمنية، 2014.
رافدة عمر الحريري. إعداد القيادات الإدارية لمدارس المستقبل في ضوء الجودة الشاملة، ط1، دار الفكر، عمان، الأردن، 2007. 
سماح عبد المطلب إبراهيم، تطوير إدارة المدرسة الثانوية العامة بمصر في ضوء إدارة الجودة الشاملة، رسالة دكتوراه، غير منشورة، كلية التربية، جامعة المنوفية، مصر، 2002.
عبد الرزاق الأشول، وعبد الله علي إسماعيل، مشروع الإطار المرجعي للتطوير المدرسي، المراجعة السنوية المشتركة الثامنة لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لتطوير التعليم العام (الملتقى التربوي)، 27-28 مايو 2013م.
عبد الكريم سعيد عبده قاسم الدعيس، أنموذج مقترح لتطوير الإدارة المدرسية في ضوء إدارة الجودة الشاملة، رسالة ماجستير، قسم الإدارة والتخطيط التربوي، كلية التربية، جامعة صنعاء، 2010.
عبدالملك بن محمد عيسى سكتاوي. إدارة الجودة الشاملة وامكانية استخدامها في إدارة مدارس تعليم البنيين بمدينة مكة المكرمة، رسالة دكتوراه ، كلية التربية، جامعة أم القرى، 2003. 
عبده نعمان الشريف، الفجوة بين ثقافة الجودة الشاملة وتحسين أداء النظام التعليمي في الجمهورية اليمنية، مجلة الأندلس للعلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد (16)، المجلد (17)، أكتوبر- ديسمبر ، 2017م.
محسن عبد الستار محمود عزب. تطوير الإدارة المدرسية في ضوء معايير الجودة الشاملة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2008. 
محمد عبدالوهاب العزاوي. إدارة الجودة الشاملة، الطبعة العربية، دار اليازوري، عمان، الأردن، 2005.
محمود أسامة جلال، مدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة في الإدارة المدرسية بمملكة البحرين، مجلة العلوم التربوية والنفسية، جامعة الكويت، المجلد (3)، العدد (3)، الكويت، 2002.
مريم محمد إبراهيم الشرقاوي. إدارة المدارس الثانوية بالجودة الشاملة "تصور مقترح"، مجلة التربية والتنمية، الجمعية المصرية للتربية المقارنة والإدارة التعليمية، العدد (23)، مصر، 2001.
نبيل الصالحي، تطوير الإدارة المدرسية بمدارس وكالة الغوث بمحافظات غزة في ضوء مفاهيم إدارة الجودة الشاملة، رسالة دكتوراه، القاهرة، جامعة عين شمس، 2003.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق